للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتروْن رأيَكم. فضرب على آذانهم، فخرج المَلك في أصحابه يتبعونهم، حتى وجدوهم قد دخلوا الكهف؛ فكلَّما أراد رجل أن يدخلَ أُرعِب، فلم يطق أحد أن يدخل، فقال قائل: أليس لو كنت قدرت عليهم قتلتَهم؟ قال: بلى! قال: فابنِ عليهم باب الكهف، فدعْهم فيه يموتوا عطشًا وجوعًا. ففعل فغبروا - بعد ما بيني عليهم باب الكهف - زمانًا بعد زمان.

ثم إنّ راعيًا أدركه المطر عند الكهف، فقال: لو فتحت هذا الكهف فأدخلته غنمي من المطر! فلم يزل يعالجه حتى فتح ما أدخِل فيه، وردّ الله إليهم أرواحَهم في أجسادهم من الغد حين أصبحوا، فبعثوا أحدَهم بورِق يشتري لهم طعامًا، فكلَّما أتى باب مدينتهم رأى شيئًا ينكره، حتى دخل على رجل، فقال: بعني بهذه الدراهم طعامًا، قال: ومن أين لك هذه الدراهم! قال: خرجت وأصحابٌ لي أمس، فآوانا الليل حتى أصبحوا، فأرسلوني، فقال: هذه الدراهم كانت على عهد الملك فلان فأنَّى لك بها! فرفعه إلى الملك - وكان ملكًا صالحًا - فقال: من أينَ لك هذه الورِق؟ قال: خرجت أنا وأصحاب لي أمس حتى أدركَنا الليل في كهف كذا وكذا، ثم أمروني أن أشتريَ لهم طعامًا. قال: وأين أصحابك؟ قال: في الكهف، قال: فانطلَقوا معه حتى أتوْا بابَ الكهف، فقال: دعوني أدخل إلى أصحابي قبلكم، فلما رأوْه ودنا منهم ضُرب على أذنه وآذانهم، فجعلوا كلّما دخل رجل أُرعِب، فلم يقدروا على أن يدخلوا إليهم، فبنوْا عندهم كنيسة، واتَّخذوها مسجدًا يصلُّون فيه (١). (٢: ٦/ ٧ / ٨/ ٩).

٧٩٩ - حدَّثنا الحسن بن يحيى، قال: حدَّثنا عبد الرزَّاق، قال: أخبرنا معمَر عن قَتادة، عن عِكْرمة، قال: كان أصحابُ الكهف أبناءَ ملوك الروم، رزقهم الله الإسلام، فتفرّدوا بدينهم، واعتزلوا قومَهم، حتى انتهوْا إلى الكهف، فضرب الله على سُمْخَانِهم. فلبثوا دهرًا طويلًا، حتى هلكت أمَّتهم، وجاءتْ أمَّةٌ مسلمة، وكان ملكهم مسلمًا، واختلفوا في الروح والجسد، فقال قائل: تبعث الروح والجسد جميعًا، وقال قائل: تُبْعث الروح، وأما الجسد فتأكله الأرض، فلا يكون شيئًا. فشقّ على ملكهم اختلافهم، فانطلق فلبس المُسوح، وجلس


(١) ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>