فأمّا أنَّه كان في أيام ملوك الطوائف؛ فإنّ ذلك مما لا يدفعه دافع من أهل العلم بأخبار الناس القديمة.
وكان لهم في ذلك الزمان مَلِكٌ يقال له: دقينوس، يعبد الأصنام -فيما ذكر عنه- فبلغه عن الفتية خلافُهم إيّاه في دينه، فطلبهم، فهربوا منه بدينهم، حتى صاروا إلى جبل لهم يقال له -فيما حدَّثنا ابن حُميد، قال: حدَّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن عبد الله بن أبي نَجِيح، عن مجاهد، عن ابن عباس-: نيحلوس (١). (٧: ٢).
٧٩٨ - وكان سببُ إيمانهم وخلافهم به قومهم فيمَا حدَّثنا الحسن بن يحيى، قال: حدَّثنا عبد الرزاق، قال: حدَّثنا معمَر، قال: أخبرني إسماعيل بن سدوس: أنه سمع وهب بن منبّه يقول: جاء حواريّ عيسى بن مريم إلى مدينة أصحاب الكهف، فأراد أن يدخلَها، فقيل له: إن علَى بابها صنمًا لا يدخلها أحد إلا سجدَ له، فكره أن يدخلَها، فأتى حمَّامًا، وكان فيه قريبًا من تلك المدينة، فكان يعمل فيه، يؤاجِر نفسه من صاحب الحمَّام. ورأى صاحب الحمَّام في حمَّامه البركة، ودرّ عليه الرزق، فجعل يعرض عليه [الإسلام] وجعل يسترسل إليه. وعَلِقه فتيةٌ من أهل المدينة وجعل يُخبرهم خبرَ السماء والأرض وخبر الآخرة، حتى آمنوا به وصدّقوه، وكانوا على مثلِ حاله في حسن الهيئة، وكان يشرُط على صاحب الحمّام: أن الليل لي، لا تحول بيني وبين الصلاة إذا حضرت. فكان على ذلك حتى جاء ابنُ الملك بامرأة، فدخل بها الحمَّام، فعيّره الحواريّ، فقال: أنت ابنُ الملك وتدخلُ ومعك هذه الكذا! فاستحيا، فذهب. فرجع مرة أخرى، فقال له مثل ذلك، وسبّه وانتهره، ولم يلتفت حتى دخل، ودخلت معه المرأة فماتا في الحمَّام جميعًا، فأتِي الملك فقيل له: قتل صاحبُ الحمَّام ابنَك. فالتُمِسَ، فلم يُقدرْ عليه فهرب. قال: من كان يصحبه؟ فسمّوا الفتية؛ فالتُمِسوا فخرجوا من المدينة، فمرُّوا بصاحبٍ لهم في زرع له؛ وهو على مثل أمرهم، فذكروا أنهم التُمسوا، وانطلق معهم ومعه الكلب؛ حتى آواهم الليل إلى الكهف، فدخلوه فقالوا: نبيت ها هنا الليلة ثم نصبح إن شاء الله،