للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وضعُف الشيخ عن رفع الحجارة قام على حجر، وهو مقام إبراهيم، فجعل يناوله ويقولان: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (١). (١: ٢٥٩/ ٢٦٠).

فلما فرغ إبراهيم من بناء البيت الذي أمره الله عزَّ وجلّ ببنائه، أمره الله أن يؤذِّن في الناس بالحج، فقال له: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} (٢). (١: ٢٦٠).


(١) في إسناده محمد بن سنان ضعيف إلَّا أن المتن جزء من حديث طويل أشرنا إليه سابقًا (ح ٣٣٦٥) وفي آخره: (فجاء فوافق إسماعيل من وراء زمزم يصلح نبلًا له فقال: يا إسماعيل إن ربك أمرني أن أبني بيتًا ... الحديث) من طريق إبراهيم بن نافع عن كثير بن كثير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس) وليس في رواية البخاري فلما ارتفع البنيان وضعف الشيخ ... إلخ).
(٢) صحيح.
لقد ذكر الإمام الطبري روايات عدة [ذكرناها في قسم الضعيف] منها ما هي مرفوعة أو موقوفة تؤكد أن الذبيح إسحاق، وأخرى تؤكد أن الذبيح إسماعيل وقال الطبري في نهاية المطاف إلى كون الذبيح إسحاق، وإن كان أثناء مناقشته للأدلة غير مقتنع بصحة أسانيد الأحاديث المرفوعة في هذه المسألة إذ يقول (١/ ٢٦٣) وقد روى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلا القولين: لو كان فيهما صحيح لم نعد إلى غيره، غير أن الدليل من القرآن على صحة الرواية التي رويت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (هو إسحاق) أوضح وأبين منه على صحة الأخرى وهذا يعني أن ضعف تلك الروايات المرفوعة واضح عند الطبري إلَّا أنه يرجح بعضها على بعض بما يستنبطه من فهم الآيات القرآنية كقرائن ودلائل.
وأما الحافظ ابن كثير فهو يقول بالرأي الآخر ويرى أن ما ذهب إليه ابن جرير بعيد جدًّا وأن ما استدل به محمد بن كعب على أنه إسماعيل أثبت وأصح وأقوى (تفسير القرآن العظيم / سورة الصافات / ٢٩٨٩).
وأما الإمام الشوكاني فقد ساق مختلف الأدلة ثم قال: وبما سقناه من الاختلاف في الذبيح هل هو إسحاق أو إسماعيل وما استدل به المختلفون في ذلك تعلم أنه لم يكن في المقام ما يوجب القطع أو يتعين رجحانه تعيينًا ظاهرًا، وقد رجَّح كل قولٍ طائفة من المحققين المنصفين كابن جرير فإنه رجح أنه إسحاق، ولكنه لم يستدل على ذلك إلا ببعض ما سقناه ها هنا وكابن كثير فإنه رجح أنه إسماعيل وجعل الأدلة على ذلك أقوى وأصح، وليس الأمر كما ذكره فإنها إن لم تكن دون أدلة القائلين بأن الذبيح إسحاق لم تكن فوقها ولا أرجح منها ولم يصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك شيء، وما روي عنه فهو إما موضوع أو ضعيف جدًّا، ولم يبق إلا مجرد استنباطات من القرآن كما أشرنا إلى ذلك فيما سبق وهي محتملة ولا تقوم الحجة بمحتمل فالوقف هو الذي لا ينبغي مجاوزته وفيه السلامة من الترجيح بلا مرجح ومن =

<<  <  ج: ص:  >  >>