يرحمك الله! قال لها: هل عندك ضيافة؟ قالت: نعم، قال هل عندك خبز أو بُرّ أو شعير أو تمر؟ قال: فجاءت باللبن واللحم، فدعا لهما بالبركة، فلو جاءت يومئذ بخبز أو بُرّ أو شعير أو تمر لكانت أكثر أرض الله برًّا وشعيرًا وتمرًا، فقالت: انزل حتى أغسل رأسك، فلم ينزل، فجاءته بالمقام فوضعته عند شقه الأيمن، فوضع قدمه عليه فبقي أثر قدمه عليه، فغسلت شِقّ رأسه الأيمن، ثم حولت المقام إلى شقّه الأيسر، فغسلت شِقّه الأيسر، فقال لها: إذا جاء زوجك فأقرئيه السلام، وقولي له: قد استقامت عتبةُ بابك. فلما جاء إسماعيل وجد ريح أبيه، فقال لامرأته: هل جاءك أحد؟ قالت: نعم، شيخ أحسنُ الناس وجهًا وأطيبهم ريحًا، فقال لي: كذا وكذا، وقلت له: كذا وكذا، وغسلت رأسه وهذا موضع قدميه على المقام، قال: وما قال لك؟ قالت: قال لي: إذا جاء زوجُك فأقرئيه السلام، وقولي له: قد استقامت عتبة بابك، قال ذلك إبراهيم، فلبث ما شاء الله أن يلبث وأمره الله عزَّ وجلَّ ببناء البيت، فبناه هو وإسماعيل، فلما بنياه قيل:{وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ}، فجعل لا يمرُّ بقوم إلا قال: يا أيها الناس، إنّه قد بُني لكم بيت فحجوه، فجعل لا يسمعه أحد؛ لا صخرة ولا شجرة ولا شيء إلا قال: لبّيك اللهم لبيك. قال: وكان بين قوله: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيتِكَ الْمُحَرَّمِ}، وبين قوله:{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ} كذا وكذا عامًا؛ لم يحفظ عطاء (١). (١: ٢٥٧/ ٢٥٨ / ٢٥٩).
حدثني محمد بن سنان، قال: حدثنا عبيد الله بن عبد المجيد أبو علي الحنفي، قال: أخبرنا إبراهيم بن نافع، قال: سمعت كثير بن كثير يحدِّث عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: جاء -يعني إبراهيم- فوجد إسماعيل يُصْلِح نَبْلًا له من وراء زمزم، فقال إبراهيم: يا إسماعيل، إن ربّك قد أمرني أن أبنيَ له بيتًا، فقال له إسماعيل: فأطع ربَّك فيما أمرك، فقال إبراهيم: قد أمرك أن تُعينَني عليه قال: إذًا أفعل، قال: فقام معه، فجعل إبراهيم يبنيه وإسماعيل يناوله الحجارة ويقولان:{رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}، فلما ارتفع البنيان
(١) في إسناده عطاء اختلط بأمره إلا أن رواية حماد عنه (ها هنا) قبل الاختلاط عند الجمهور والخبر عند البخاري كما سبق أن ذكرنا عند الرواية السابقة إلا أن هذه الرواية متضمنة بعض غرابة والخبر رواه البخاري كما سبق (٣٣٦٥) وأحمد (٣٢٥٠).