وأمّا ابن إسحاق، فإنه ذكر أن رزاحًا أجاب قصيًّا إلى ما دعاه إليه من نُصرته، وخرج إلى مكة مع إخوته الثلاثة، ومَنْ تبعه لذلك من قُضاعة في حاجّ العرب، وهم مجمعون لنصر قصيّ، والقيام معه، قال: وخزاعة تزعم أن حُلَيل بن حُبْشية أوصى بذلك قُصيًّا، وأمره به حين انتشر له من ابنته من الأولاد ما انتشر، وقال: أنتَ أوْلَى بالكعبة والقيام عليها، وبأمر مكة من خُزاعة، فعند ذلك طلب قصيّ ما طلب.
فلمَّا اجتمع الناس بمكّة وخرجوا إلى الموقف، وفرغوا من الحج ونزلوا مِنًى، وقصيّ مُجمِّع لما أجمع له، ومن تبعه من قومه من قريش وبني كنانة ومَنْ معه من قُضاعة، ولم يبق إلَّا أن ينفروا للصدَر، وكانت صوفة تدفع بالناس من عَرَفة؛ وتجيزُهم إذا نَفروا منِ منىً؛ إذا كان يوم النَّفْر أتَوْا لرمي الجمار - ورجل من صوفة يرمي للناس؛ لا يرمون حتى يرمى - فكان ذوو الحاجات المُعَجّلون يأتونه، فيقولون له: قم فارم حتى نرميَ معك، فيقول: لا والله حتى تَميل الشمس، فيظلّ ذوو الحاجات الذين يحبُّون التعجيل، يرمونه بالحجارة ويستعجلونه بذلك؛ ويقولون: ويلك قم فارم! فيأبى عليهم، حَتى إذا مالت الشمس قام فرمَى ورمَى الناسُ معه (١). (٢: ٢٥٣ - ٢٥٦).
٨٦٨ - حدثنا ابن حُميد، قال: حدثنا سلَمة عن ابن إسحاق هذا الحديث عن يحيى بن عبّاد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه عبّاد:
فإذا فرغوا من رَمْي الجمار، وأرادوا النَّفْر من منىً، أخذت صوفة بناحيتي العقبة، فحبسوا الناس، وقالوا: أجيزي صوفة، فلم يَجُزْ أحد من الناس حتى ينفذوا، فإذا نَفرت صوفة ومضت خُلِّيَ سبيل الناس، فانطلقوا بعدهم، فلمَّا كان ذلك العام، فعلت ذلك صوفة كما كانت تفعل، قد عرفت ذلك لها العرب،