للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خرج من المسلمين إلى أرض الحبشة فيما بلغني.

قال: ثم خرج جعفر بن أبي طالب، وتتابع المسلمون حتى اجتمعوا بأرض الحبشة؛ فكانوا بها، منهم مَنْ خرج بأهله معه، ومنهم مَنْ خرج بنفسه لا أهلَ معه؛ ثم عدّ بعد ذلك تمام اثنين وثمانين رجلًا؛ بالعشرة الذين ذكرت بأسمائهم؛ ومَنْ كان منهم معه أهله وولده؛ ومَنْ ولد له بأرض الحبَشة، ومَنْ كان منهم لا أهلَ معه (١). (٢: ٣٣٠/ ٣٣١).

٤٤ - قال ابن إسحاق: وحدَّثني رجل من أسلم كان واعيةً، أن أبا جهل بن هشام مرّ برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو جالس عند الصَّفَا، فآذاه وشَتَمه، ونال منه بعض ما يَكْره من العَيب لدينه والتضعيف له، فلم يُكلّمْه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، ومولاةٌ لعبد الله بن جُدْعان التّيميّ في مسكن لها فوق الصَّفا تسمع ذلك. ثم انصرف عنه، فعمَد إلى نادي قُريش عند الكعبة، فجلس معهم فلم يلبثْ حمزة بن عبد المطلب أن أقبل متوشّحًا قوسَه، راجعًا من قَنَص له- وكان صاحبَ قَنَص يرميه ويخرج له، وكان إذا رجع من قَنَصه لم يصل إلى أهله حتى يطوفَ بالكعبة، وكان إذا فعلَ ذلك لم يمرّ على ناد من قريش إلَّا وقف وسلم وتحدَّث معهم، وكان أعزّ قريش وأشدَّها شكيمة- فلمّا مرّ بالمولاة وقد قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورجع إلى بيته، قالت: يا أبا عمارة، لو رأيتَ ما لَقيَ ابنُ أخيك محمد آنفًا قبل أن تأتيَ من أبي الحكم بن هشام! وجدَه هاهنا جالسًا فسَبَّهُ وآذاه، وبلَغ منه ما يكره، ثم انصرف عنه ولم يكلّمه محمد.

قال: فاحتمل حمزةَ الغضبُ لِمَا أراد الله به من كرامته، فخرج سريعًا - لا يقف على أحد كما كان يصنع - يريد الطواف بالكعبة، مُعِدًّا لأبي جهل إذا لقِيَه أن يقع به، فلمّا دخل المسجد نظر إليه جالسًا في القوم، فأقبلَ نحوه؛ حتى إذا قام على رأسه، رفع القوس فضربَه بها ضربة فشجَّه بها شجَّةً منكرة، وقال:


(١) إسناده إلى ابن إسحاق ضعيف وقد ذكره ابن إسحاق بلاغًا وهو كذلك في سيرة ابن هشام (١/ ٣٩٧). وأخرجه البيهقي في دلائل النبوة (٢/ ٢٨٥) من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة عن عمه موسى بن عقبة في كتاب المغازي (هكذا بلاغًا).
وراجع ما أثبتناه في تفاصيل الهجرة إلى الحبشة في قسم الصحيح في السيرة بعد الرواية رقم (٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>