يكفيك أن هذا الحديث لم يخرجه أحد من أهل الصحة ولا رواه ثقة بسند سليم متصل مع ضعف نَقَلَتهِ واضطراب رواياته وانقطاع إسناده واختلاف كلماته. اهـ. وكذلك فصَّل المحدث الألباني الحديث في إسناده ومتنه وما قاله العلماء في ذلك في كتابه القيم المعروف وتحدث عنه في حاشية فقه السيرة للغزالي (١١٣) قائلًا: وهذه الفرية (ويعني فرية الغرانيق) لم ترو بسند معتبر عن صحابي بل كل طرقها مرسلة لا يدرى من الذي حدث بها ممن يمكن أن يدرك عصر النبوة والرسالة. وقد فصلت القول في بطلان هذه القصة من الوجهة الحديثية في كتابي (نصب المجانيق لنسف قصة الغرانيق) اهـ. ولا بأس أن ننقل ما قاله المؤرخ الإسلامي الكبير أكرم ضياء العمري في كتابه القيم (صحيح السيرة ١/ ١٧١): وفي أعقاب الهجرة الأولى إلى الحبشة حدث أن صلّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد الحرام فقرأ سورة النجم. فسجد في موضع السجود وسجد كل من كان حاضرًا إلا اثنين من المستكبرين فشاع أن قريشًا قد أسلمت. وقد ذهبت روايات مرسلة صحيحة السند إلى مرسليها وهم: سعيد بن جبير وأبو بكر بن عبد الرحمن وأبو العالية إلى أن الشيطان ألقى على لسان الرسول - صلى الله عليه وسلم - في قراءته في صلاته تلك عبارة: (تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى) كما ذهبت روايات مرسلة أخرى ضعيفة الأسانيد إلى مرسليها إلى أن العبارة قالها الشيطان وسمعها المشركون دون المسلمين، فسجد المشركون بسجود المسلمين، وما قالته المراسيل المعتبرة يصطدم مع عصمة النبوة في قضية الوحي ويعارض التوحيد وهو أصل العقيدة الإسلامية، لذلك فإنها مرفوضة متنًا حتى لو ثبت تعدد مخارجها ولم يأخذها الثلاثة التابعون عن شيخ واحد. اهـ.