للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأبو أحمد بن جَحْش - وكان رجلًا ضرير البصر، وكان يطوف مكة أعلاها وأسفلها بغير قائد - ثم تتابع أصحابُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة أرسالًا.

وأقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكّة بعد أصحابه من المهاجرين؛ ينتظر أن يُؤذَن له في الهجرة. ولم يتخلَّف معه بمكّة أحد المهاجرين إلا أُخِذ فحبس أو فتن إلَّا عليَّ بن أبي طالب وأبو بكر بن أبي قُحافة، وكان أبو بكر كثيرًا ما يستأذن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - في الهجرة، فيقول له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تعجلْ، لعلَّ الله أن يجعل لك صاحبًا، فطمع أبو بكر أن يكونه، فلما رأتْ قُرَيش أنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قد صارت له شيعة وأصحاب من غيرهم، بغير بلدهم، ورأوْا خروجَ أصحابه من المهاجرين إليهم، عرفوا أنهم قد نزلوا دارًا، وأصابوا منهم مَنَعة، فحذروا خروجَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم، وعرفوا أنّه قد أجمع أن يلحَقَ بهم لحربهم، فاجتمعوا له في دار النّدوة؛ وهي دار قُصيّ بن كِلاب، التي كانت قريش لا تقضِي أمرًا إلَّا فيها، يتشاورون فيها ما يصنعون في أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين خافوه (١). (٢: ٣٦٩/ ٣٧٠).


(١) لقد صدّر الطبري رواياته في الهجرة بكلامه هذا بلا إسناد وقد ذكر تفاصيل هي:
١ - أول من هاجر إلى المدينة أبو سلمة بن عبد الأسد من بني مخزوم.
٢ - ثم هاجر من بعده عامر بن ربيعة حليف بني عدي معه امرأته.
٣ - ثم عبد الله بن جحش بن رئاب وأبو أحمد بن جحش.
٤ - بقاء أبي بكر وعلي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع من بَقَوا في مكة.
قلنا: أما أول من هاجر فقد ذكرنا في تخريج أحاديث العقبة الأولى: أن مصعبًا وابن أمّ مكتوم هما أول من هاجر كما ثبت في صحيح البخاري عن البراء (راجع تخريج الحديث ٤٣).
أما كون أبي سلمة أول من هاجر فقد ذكره الطبري هنا بلا إسناد وكذلك أخرجه ابن هشام في السيرة النبوية (٢/ ١٢٢) بلا إسناد.
وأخرج ابن سعد في الطبقات (١/ ٢٢٥) عن عائشة رضي الله عنها: لما صدر السبعون من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... الحديث. وفيه: فكان أول من قدم المدينة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبو سلمة بن عبد الأسد. وإسناده ضعيف كما ترى ففي أوله الواقدي وهو متروك.
ولكن أخرج كذلك من طريق ابن إسحاق رواية طويلة تصف محنة أبي سلمة وزوجته عندما عزم على الهجرة إلى المدينة (السيرة النبوية ٢/ ١٢٣). وإسناده حسن. وقد تطرق ابن حجر إلى ما قاله عن كون أبي سلمة أول من هاجر ومعارضته بذلك لحديث البراء في الصحيح وحاول الجمع بينهما وذكرنا ذلك في تحقيق الحديث (٤٣) فراجعه هناك.
أما كون عامر بن ربيعة ثاني من هاجر بعد أبي سلمة ثم عبد الله بن جحش بن رئاب وأبي أحمد بن جحش فقد أخرجه أيضًا ابن هشام في السيرة (٢/ ١٢٥) من طريق ابن إسحاق =

<<  <  ج: ص:  >  >>