١٤٦ - فحدَّثنا ابنُ حُميد قال: حدَّثنا سلَمة، عن محمد بن إسحاق، قال: حدَّثني عبدُ الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، قال: حُدِّثت عن زينب أنَّها قالت: بينا أنا أتجهَّزُ بمكَّة للّحوق بأبي، لقيتْنِي هنْد بنت عُتْبة، فقالت: أي ابنة محمد؛ ألم يَبْلغْني أنَّك تريدين اللحوق بأبيك! قالت: فقلت: ما أردتُ ذلك، قالت: أي ابنةَ عمي، لا تفعلي؛ إن كانت لكِ حاجة بمتاع مما يرفُق بك في سفرك، أو بمال تبلُغين به إلى أبيك، فإنَّ عندي حاجَتك فلا تضطنِي (١) منّي؛ فإنَّه لا يدخل بين النساء ما يدخل بين الرجال. قالت: ووالله ما أراها قالت ذلك إلَّا لتفعل. قالت: ولكني خفْتُها، فأنكرتُ أن أكون أريد ذلك، وتجهَّزْت.
فلمّا فرغت ابنةُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من جِهازها قدّم لها حمُوها كِنَانة بن الربيع أخو زوجها بعيرًا فركبتْه، وأخذ قوسه وكنانته، ثم خرج بها نهارًا يقود بها، وهي في هوْدج لها. وتحدّث بذلك رجال قريش، فخرجوا في طلبها حتى أدركوها بذي طَوى، فكان أوّل مَنْ سبق إليها هَبَّار بن الأسود بن المطَّلب بن أسد بن عبد العُزَّى ونافع بن عبد القيس، والفهريّ. فروّعها هبَّار بالرّمح وهي في هودجها -وكانت المرأة حاملًا؛ فيما يزعمون- فلمّا رجَعَت طرحَتْ ذات بطنها، وبرك حَمُوها، ونثر كنانته ثم قال: والله لا يدنُو مني رجُلٌ إلَّا وضعت فيه سهمًا، فتكركر النَّاس عنه، وأتاه أبو سفيان في جِلة قريش، فقال: أيّها الرجل، كفّ عنا نَبْلَك حتى نكلِّمك، فكفّ. فأقبل أبو سفيان حتَّى وقف عليه، فقال: إنَّك لم تُصِبْ، خرجتَ بالمرأة على رؤوس الرّجال علانية، وقد عرفت مصيبتنا ونكبتَنا وما دخل علينا من محمّد، فيظنّ الناس إذا خُرج بابنته علانيةً من بين أظهُرنا أن ذلك عن ذلّ أصابنا عن مصيبتنا، ونكبتنا التي كانت، وأنَّ ذلك منّا ضعفٌ ووَهَنٌ، لَعَمْرِي ما لنا حاجة في حبسها عن أبيها، وما لنا في ذلك من ثؤرة؛ ولكن أرجع المرأة، فإذا هدأ الصوت، وتحدَّث النَّاس أنا قد رددناها، فسُلَّها سرًّا فألحِقْها بأبيها. ففعل حتى إذا هدأ الصوتُ خرج بها ليلًا؛ حتى أسلمها إلى زيد بن حارثة وصاحِبه، فقدِما بها على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
قال: فأقام أبو العاص بمكَّة، وأقامت زينبُ عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة، قد