أبوابهم، ثم أخذنا المفاتيح فألقيناها في فقير (١)، ثم جئنا إلى الْمَشْرَبة الَّتي فيها ابنُ أبي الحقيق، فظهرت عليها أنا وعبد الله بن عتيك وقعد أصحابنا في الحائط، فاستأذن عبد الله بن عتيك؛ فقالت امرأة ابن أبي الحُقيق: إنَّ هذا لصوت عبد الله بن عَتيك. قال ابنُ أبي الحقيق: ثكلتْك أمّك! عبدُ الله بن عتيك بيثرب؛ أين هو عندك هذه الساعة! افتحي لي؛ إنَّ الكريم لا يردّ عن بابه هذه الساعة. فقامت ففتحت. فدخلتُ أنا وعبد الله على ابن أبي الحُقَيق، فقال عبد الله بن عَتِيك: دونك، قال: فشهرت عليها السيف، فأذهب لأضربها بالسيف فأذكر نَهْيَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - عن قتل النساء والولْدان، فأكفّ عنها، فدخل عبد الله بن عتيك على ابن أبي الحُقيق. قال: فأنظر إليه في مَشْرَبة مظلمة إلى شدّة بياضه، فلمّا رآني ورأى السيف، أخذ الوسادة فاتَّقاني بها، فأذهب لأضربه فلا أستطيع، فوخزتُه بالسيف وخْزًا. ثم خرج إليّ عبد الله بن أنَيس، فقال: أقتلته؟ قال: نعم، فدخل عبد الله بن أنيس فذفّف عليه. قال: ثم خرجت إلى عبد الله بن عَتِيك؛ فانطلقنا، وصاحت المرأة: وابَيَاتاه وَابَيَاتاه! قال: فسقط عبدُ الله بن عَتِيك في الدَّرجة، فقال: وارجلاه وارجلاه! فاحتمله عبد الله بن أنَيس؛ حتى وضعه إلى الأرض. قال: قلت: انطلق، ليس برجلك بأس. قال: فانطلقنا، قال عبد الله بن أنيس: جئنا أصحابنا فانطلقنا، ثم ذكرت قوسي أني تركتها في الدّرجة؛ فرجعت إلى قوسي؛ فإذا أهلُ خَيبر يموجُ بعضهم في بعض؛ ليس لهم كلام إلَّا مَنْ قَتَل ابن أبي الحقيق؟ مَنْ قتل ابن أبي الحُقَيق؟ قال: فجعلت لا أنظر في وجه إنسان، ولا ينظر في وجهي إنسان إلَّا قلت: مَنْ قتل ابن أبي الحُقَيق؟ قال: ثم صعدت الدَّرجة؛ والناس يظهرون فيها؛ وينزلون؛ فأخذت قوسي من مكانها، ثم ذهبتُ فأدركتُ أصحابي، فكنَّا نكمنُ النهار ونسير الليل؛ فإذا كمنَّا بالنهار أقعدنا منَّا ناطورًا ينظر لنا؛ فإنْ رأى شيئًا أشار إلينا؛ فانطلقنا حتى إذا كنَّا بالبيضاء كنت -قال موسى: أنا ناطرهم، وقال عباس: كنتُ أنا ناطورهم- فأشرت إليهم فذهبوا جمْزًا وخرجت في آثارهم؛ حتى إذا اقتربنا من المدينة أدركتهم، قالوا: ما شأنك؟ هل رأيت شيئًا؟ قلت: لا، إلَّا أني قد عرفت أنْ قد بلغكم