صاحبهم فاكتنفوه؛ وهو يقضي بينهم. قال: فقلنا: كيف لنا بأن نعلم أن عدوّ الله قد مات! فقال رجل منَّا: أنا أذهب فأنظر لكم، فانطلق حتى دخل في الناس، قال: فوجدته ورجال يهود عنده، وامرأته في يدها المصباح تنظر في وجهه. ثم قالت تحدِّثهم وتقول: أما والله لقد عرفتُ صوتَ ابن عتيك؛ ثم أكذبت، فقلت: أنّى ابن عتيك بهذه البلاد! ثم أقبلت عليه لتنظرَ في وجهه ثم قالت: فاظ وإله يهود! قال: يقول صاحبُنا: فما سمعتُ من كلمة كانت ألذّ إلى نفسي منها، ثم جاءنا فأخبرنا الخبر فاحتملنا صاحبنا، فقدمنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأخبرناه بقتل عدوّ الله، واختلفنا عنده في قتله؛ وكلُّنا يدّعيه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هاتوا أسيافكم، فجئناه بها فنظر إليها، فقال لسيف عبد الله بن أُنيس: هذا قتله، أرى فيه أثر الطعام. فقال حسان بن ثابت؛ وهو يذكر قتل كعب بن الأشرف وسلّام بن أبي الحُقَيق:
يسْرُون بالبيض الخفاف إِليكُمُ ... مرحًا كأُسْدٍ في عرِينٍ مُغْرف
حتى أتوكُمْ في محلِّ بِلادكُمْ ... فسقَوْكُمُ حتْفًا ببيضٍ ذُفَّف
مُسْتَبْصرِين لنَصْر دين نبِيِّهمْ ... مُستضْعفِينَ لكلِّ أمرٍ مُجْحِف (١)
(٢: ٤٩٥/ ٤٩٦ / ٤٩٧).
١٦٩ - حدَّثني موسى بن عبد الرحمن المسْرُوقيّ وعبَّاس بن عبد العظيم العَنْبَريّ، قالا: حدَّثنا جعفر بن عون، قال: حدَّثنا إبراهيم بن إسماعيل، قال: حدَّثني إبراهيم بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، أن أباه حدَّثه عن أمِّه ابنة عبد الله بن أنَيس، أنَّها حدَّثته عن عبد الله بن أنَيس، أن الرهط الذين بعثهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى ابن أبي الحُقَيق ليقتلوه: عبد الله بن عَتِيك، وعبد الله بن أنيس، وأبو قَتادة، وحليف لهم، ورجل من الأنصار؛ وأنهم قَدِمُوا خَيبَر ليلًا. قال: فعَمَدْنا إلى أبوابهم نغلقها من خارج، ونأخذ المفاتيح، حتى أغلقنا عليهم
(١) إسناده إلى ابن إسحاق ضعيف ورواه ابن إسحاق مرسلًا فعبد الله بن كعب بن مالك روايته عن الصحابة، وقال الحافظ: قيل: له رؤية (التقريب). فإن ثبت له صحبة فالخبر صحيح، وإلا فروايته ومتن هذه الرواية مخالفة لما في الصحيح من أن عبد الله بن عتيك هو الذي قتله وأجهز عليه والله أعلم.