١٨٤ - حدَّثنا ابنُ حميد، قال: حدَّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال في حديثه: لمَّا أجاب عمرُ أبا سفيان قال له أبو سفيان: هلمَّ يا عمر، فقال له رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ايتِهِ فانظُرْ ما شأنه؟ فجاءه فقال له أبو سفيان: أنشدُك اللهَ يا عمر، أقتلنا محمدًا؟ فقال عمر: اللهمّ لا؛ وإنه ليسمع كلامَك الآن، فقال: أنت أصْدَق عندي من ابن قَميئَة وأبرّ؛ لقول ابن قميئة لهم: إنّي قتلت محمدًا. ثمّ نادى أبو سفيان، فقال: إنَّه قد كان في قتلاكم مُثَلٌ والله ما رضيت ولا سخِطت، ولا نهيت ولا أمرْت.
وقد كان الحُلَيس بن زَبَّان أخو بني الحارث بن عبد مَناة - وهو يومئذ سيّد الأحابيش - قد مرّ بأبي سفيان بن حرب، وهو يضرب في شِدْق حمزة بزُجّ الرّمح؛ وهو يقول: ذُقْ عَقَقُ! فقال الحُلَيس: يا بني كنانة، هذا سيّد قريش يصنع بابن عمِّه كما ترون لحمًا! فقال: اكتمها، فإنَّها كانت زَلَّة؛ فلمَّا انصرف أبو سفيان ومَنْ معه نادى: إنَّ موعدَكم بدر للعام المقبل، فقال رسول - صلى الله عليه وسلم - لرجل من أصحابه: قل نعمْ هي بيننا وبينك موعد.
ثم بعث رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عليّ بن أبي طالب - عليه السلام -، فقال: اُخرُجْ في آثار القوم فانظر ماذا يصنعون، وماذا يريدون! فإن كانوا قد اجتنبوا الخيل، وامتطوا الإبل؛ فإنَّهم يريدون مكَّة؛ وإن ركبوا الخيل، وساقوا الإبل؛ فهم يريدون المدينة؛ فوالَّذي نفسي بيده؛ لئن أرادوها لأسيرنّ إليهم فيها ثم لأناجزَنَّهم. قال عليّ: فخرجت في آثارهم انظر ماذا يصنعون؛ فلما اجتنبوا الخيل وامتطوا الإبل توجَّهوا إلى مكَّة؛ وقد كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: أيّ ذلك كان فأخْفِه حتى تأتيَني. قال عليٌّ - عليه السلام -: فلما رأيتُهم قد توجَّهوا إلي مكَّة أقبلت أصيح؛ ما أستطيع أن أكتم الذي أمرني به رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لما بي من الفرَح؛ إذ رأيتهم انصرفوا إلى مكَّة عن المدينة (١). (٢: ٥٢٧/ ٥٢٨).
١٨٥ - حدَّثنا ابنُ حميد، قال: حدَّثنا سلَمة، قال: فحدَّثني محمَّد بن إسحاق، قال: فزعم بعض آل عبد الله بن جحش -وكان لأمَيمَة بنت
(١) إسناده إلى ابن إسحاق ضعيف ورواه ابن إسحاق معلقًا وأخرج البيهقي في الدلائل (٣/ ٢٨٢) قصة إرساله - صلى الله عليه وسلم - لعلي في آثار القوم من مراسيل عروة والله أعلم.