رجع الحديث إلى حديث ابن إسحاق، قال: وقد كان رهطٌ من بني عوف بن الخزرج، منهم عبد الله بن أبي ابن سَلُول ووديعة ومالك بن أبي قوقل، وسويد وداعس قد بعثوا إلى بني النَّضير: أن اثبتوا وتمنَّعوا؛ فإنَّا لن نسلِمكم؛ وإن قوتلتم قاتلنا معكم، وإن أخرِجْتم خرجنا معكم، فتربَّصوا فلم يفعلوا؛ وقذف الله في قلوبهم الرُّعْبَ، فسألوا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أن يُجليَهم، ويكفّ عن دمائهم؛ على أنّ لهم ما حملت الإبل من أموالهم؛ إلَّا الحلْقة. ففعل، فاحتملوا من أموالهم ما استقلَّت به الإبل، فكان الرّجل منهم يهدِم بيتَه عن نِجاف بابه؛ فيضعه على ظهر بعيره؛ فينطلق به. فخرجوا إلى خَيبر، ومنهم مَنْ سار إلى الشأم؛ فكان أشرافهم ممن سار منهم إلى خيبر سلَّام بن أبي الحُقَيق، وكنانة بن الربيع بن أبي الحُقيق، وحُيَيّ بن أخطب، فلما نزلوها دانَ لهم أهلها (١). (٢: ٤٥١ / وتكملته ٤٥٤).
٢٠٥ - قال أبو جعفر: وأما الواقديّ، فإنه ذكر: أن بني النَّضير لما تآمروا بما تآمروا به من إدلاء الصَّخْرة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، نهاهم عن ذلك سَلَّام بن مِشْكَم وخوّفهم الحرب وقال: هو يعلم ما تريدون، فعصوْه، فصعِد عمرو بن جِحاش لِيُدَحْرِجَ الصخرة، وجاء النبيّ - صلى الله عليه وسلم - الخبر من السماء، فقام كأنَّه يريد حاجة، وانتظره أصحابه، فأبطأ عليهم، وجعلت يهود تقول: ما حبس أبا القاسم؟ ! وانصرف أصحابه، فقال كنانة بن صُوريا: جاءه الخبر بما هممتم به، قال: ولما رجع أصحابُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انتهوا إليه وهو جالس في المسجد، فقالوا: يا رسول الله، انتظرناك ومضيت، فقال: همَّت يهود بقتلِي، وأخبرَنيه الله عزّ وجلّ، ادعُوا لِي محمد بن مسلمة، قال: فأتى محمد بن مسلمة، فقال: اذهب إلى يهود فقل لهم: إخرجوا من بلادي فلا تساكنوني وقد هممتم بما هممتم به من الغدر.
قال: فجاءهم محمد بن مسلمة، فقال لهم: إنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمركم أن تظعنوا من بلاده، فقالوا: يا محمَّد، ما كنا نظنُّ أن يجيئنا بهذا رجل من الأوس! فقال محمد: تغيَّرت القلوب، ومحا الإسلام العهود؛ فقالوا: نتحمَّل، قال:
(١) إسناده ضعيف وأخرجه ابن سعد في طبقاته بلا إسناد (٢/ ٥٧).