للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّدى، فأخرج الله عزّ وجلّ من بطن الخندق صخرةً بيضاء مَرْوَةً فكسرت حديدَنا، وشقَّت علينا. فقلنا: يا سلْمان! ارقَ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره خبرَ هذه الصخرة، فإمَّا أن نعدِل عنها فإنَّ المعدل قريب، وإمَّا أن يأمرنا فيها بأمره؛ فإنا لا نحب أن نجاوزَ خطَّه.

فَرَقَى سلمان حتى أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو ضاربٌ عليه قُبَّة تُرْكيَّة، فقال: يا رسول الله! بأبينا أنت وأمِّنا! خرجتْ صخرة بيضاء من الخندق مَرْوة، فكسرتْ حديدَنا، وشقَّت علينا حتى ما نُحِيك فيها قليلًا ولا كثيرًا؛ فمُرْنا فيها بأمرك؛ فإنا لا نحبَّ أن نجاوزَ خطَّك. فهبط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع سلْمان في الخندق، ورقينا نحن التِّسعةَ على شقَّة الخندق، فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المِعْول من سلمان، فضرب الصَّخرة ضَرْبةً صدَعها، وبرقت منها بَرْقة أضاء ما بين لابتَيها -يعني: لابتي المدينة- حتَّى لكأن مصباحًا في جوف بيت مظلم. فكبَّر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تكبير فتح، وكبَّر المسلمون. ثم ضربها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الثانية، فصدَعها وبرق منها برقة أضاء منها ما بين لابتيها، حتَّى لكأنَ مصباحًا في جوف بيت مظلم؛ فكبَّر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تكبيرَ فتح وكبّر المسلمون. ثم ضربها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الثالثة فكسرها، وبرقَ منها برقة أضاء ما بين لابتيها؛ حتى لكأن مصباحًا في جوف بيت مظلم، فكبَّر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تكبيرَ فتح وكبَّر المسلمون، ثم أخذ بيد سلمان فرقِيَ، فقال سلمان: بأبي أنت وأمي يا رسول الله! لقد رأيت شيئًا ما رأيته قطّ! فالتفت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى القوم، فقال: هل رأيتُم ما يقول سلْمان؟ قالوا: نعم يا رسول الله، بأبينا أنت وأمِّنا! قد رأيناك تضرب فيخرج برق كالموْج، فرأيناك تكبِّر فنكبّر، ولا نرى شيئًا غير ذلك. قال: صدقتم، ضربت ضربتي الأولى، فبرق الذي رأيتم، أضاءت لي منها قصور الحِيرة ومدائن كسرى، كأنَّها أنياب الكلاب، فأخبرني جبريلُ: أنّ أمتي ظاهرة عليها، ثم ضربتُ ضربتي الثانية، فبرق الذي رأيتُم، أضاءت لي منها قصور الحُيرة ومدائن كسرى، كأنَّها أنياب الكلاب، فأخبرني جبريلُ: أن أمَّتي ظاهرة عليها، ثم ضربتُ ضربتي الثالثة، فبرق الَّذي رأيتُم؛ أضاءت لي منها قصور الحُمْر من أرض الرُّوم، كأنها أنياب الكلاب، فأخبرني جبريل: أن أمتي ظاهرة عليها، فأبشروا! يبلغهم النَّصر، وأبشروا! يبلغهم النصر، وأبشروا! يبلغهم النصر! فاستبشر المسلمون، وقالوا: الحمدُ لله

<<  <  ج: ص:  >  >>