للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما استقل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسار، لقيه أسَيد بن حُضَير، فحياه تَحيَّة النبوّة، وسلَّم عليه، ثم قال: يا رسول الله، لقد رُحْتَ في ساعة منكَرة ما كنتَ تروح فيها! فقال له رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: أوَ مَا بلغك ما قال صاحبكم! قال: وأيُّ صاحب يا رسول الله! قال: عبد الله بن أبيّ، قال: وما قال: قال: زعم أنه إن رجع إلى المدينة أخرج الأعزُّ منها الأذلَّ، قال أسَيد: فأنت والله يا رسول الله تخرجه إن شئت، هو والله الذّليل وأنت العزيز ثم قال: يا رسولَ الله، اُرفُقْ به فوالله لقد جاء الله بك؛ وإنَّ قومه لينظمون له الخَرَزَ ليتوّجوه؛ فإنه لَيَرَى أنَّك قد استلبته مُلْكًا.

ثم مَتنَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالنَّاس يومهم ذلك حتَّى أمسى، وليلتهم حتى أصبح، وصَدْرَ يومهم ذلك حتى آذتْهم الشمس ثم نزل بالنَّاس؛ فلم يكن إلَّا أن وجدوا مسَّ الأرض وقعوا نيامًا؛ وإنما فَعَل ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليشغلَ الناس عن الحديث الذي كان بالأمس من حديث عبد الله بن أبيّ.

ثم راح بالنَّاس، وسلك الحجاز حتى نزلَ على ماء بالحجاز فُوَيق النَّقِيع، يقال له: نقعاء، فلمَّا راحَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - هَبَّت على الناس ريحٌ شديدةٌ آذتهم، وتخوّفوها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تخافوا، فإنَّما هَبَّت لموت عظيم من عظماء الكفار، فلمَّا قدِموا المدينة وجدوا رِفاعة بن زيد بن التَّابوت أحد بني قَينُقاع -وكان من عظماء يهود، وكَهْفًا للمنافقين- قد مات في ذلك اليوم.

ونزلت السورة التي ذكر الله فيها المنافقين في عبد الله بن أبي بن سَلُول ومَنْ كان معه على مثل أمره، فقال: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ}، فلمَّا نزلت هذه السورة أخذ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بأذُن زيد بن أرقم فقال: هذا الذي أوفى الله بأذُنه (١). (٢: ٦٠٤/ ٦٠٥ / ٦٠٦/ ٦٠٧).

٢٤٠ - قال: وقدم مِقْيَس بن صبابة من مكة مسلمًا فيما يُظهر، فقال:


(١) إسناده إلى ابن إسحاق ضعيف وقد رواه ابن إسحاق بسند مركب وهو سند ضعيف.
وفي متن هذه الرواية مخالفة لما في الأحاديث الصحيحة من أن قتالًا لم يحدث بينهم والله أعلم.
وكذلك لم نجد لبعض التفاصيل تأييدًا من روايات أخرى ومنها أنه - صلى الله عليه وسلم - أتعبهم مشيًا حتى يشغل الناس عن التحدث بما كان من عبد الله بن أبي وغير ذلك، ولبعض التفاصيل ما يشهد لها، سنذكرها في قسم الصحيح. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>