أمركم. فعند ذلك ائتمرت ثَقِيف بينها، وقال بعضهم لبعض: ألا تروْن أنه لا يأمن لكم سِرْبٌ، ولا يخرج منكم أحدٌ إلَّا اقتُطِع به! فائتمروا بينهم، وأجمعوا أن يرسلوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجُلًا، كما أرسلوا عروة، فكلَّموا عبد ياليل بن عمرو بن عمير - وكان في سنّ عُروة بن مسعود - وعرضوا ذلك عليه، فأبى أن يفعل، وخَشِيَ أن يُصنَع به إذا رجع كما صُنع بعروة، فقال: لست فاعلًا حتى تبعثوا معي رجالًا، فأجمعوا على أن يبعثوا معه رجلين من الأحلاف وثلاثة من بني مالك، فيكونوا ستة: عثمان بن أبي العاص بن بشر بن عبد دُهْمان أخو بني يَسَار، وأوس بن عوف أخو بني سالم، ونُمَير بن خرَشة بن ربيعة أخو بلحارث؛ وبعثوا من الأحلاف مع عبد ياليل الحكم بن عمرو بن وهب بن معتب وشُرَحبيل بن غَيلان بن سَلمة بن معتّب؛ فخرج بهم عبد ياليل - وهو نابُ القوم وصاحب أمرهم؛ ولم يخرج بهم إلا خَشْيَةً من مثل ما صنِع بعروة بن مسعود، ليشغلَ كلُّ رجل منهم إذا رجعوا إلى الطائف رهطه - فلما دنوا من المدينة، ونزلوا قناة ألفُوا بها المغيرة بن شعبة يرعى في نوبته ركاب أصحاب رسول الله، وكانت رِعْيتُها نُوَبًا على أصحابه، فلما رآهم المغيرة ترك الركاب وضَبر يشتدُّ ليُبَشّرَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - بقدومهم عليه، فلقِيه أبو بكر الصّديق رضي الله عنه قبل أن يدخُل على رسول الله، فأخبره عن ركْب ثقيف أنّهم قدموا يريدون البيعة والإسلام بأن يشرط لهم شروطًا، ويكتتبوا من رسول الله كتابًا في قومهم وبلادهم وأموالهم. فقال أبو بكر للمغيرة: أقسمت عليك بالله لا تسبقني إلى رسول الله حتى أكون أنا الذي أحدّثه، ففعل المغيرة، فدخل أبو بكر على رسول الله، فأخبره عن ركب ثقيف بقدومهم، ثم خرج المغيرة إلى أصحابه فرَوَّح الظَّهر معهم، وعلّمهم كيف يُحيُّون رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فلم يفعلوا إلا بتحية الجاهليّة (١). (٣: ٩٧/ ٩٨).
٣٥٧ - ولما أن قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضرب عليهم قبّة في ناحية مسجده -كما يزعمون- وكان خالد بن سعيد بن العاص هو الذي يمشي بينهم وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ حتى اكتتبوا كتابهم؛ وكان خالد هو الذي كتب كتابهم بيده، وكانوا لا يطعَمون طعامًا يأتيهم من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى يأكل منه خالد؛ حتى أسلموا وبايعوا وفرغوا من كتابهم - وقد كان فيما سألوا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أن يدَع