للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبدُ الله بن أبي بكر، قال: وكان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بعثَ إلى بني الحارث بن كعب بعد أن ولَّى وفدهم عَمْرَو بن حزم الأنصاريّ، ثم أحد بني النّجار؛ ليفقّههم في الدين ويعلّمهم السنّة ومعالم الإسلام، ويأخذ منهم صدقاتهم، وكتب له كتابًا عهد إليه فيه، وأمره فيه بأمره: بسم الله الرحمن الرحيم. هذا بيان من الله ورسوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}؛ عقدٌ من محمد النبيّ لعمرو بن حَزْم حين بعثه إلى اليمن، أمره بتقوى الله في أمره كله، فإنّ الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون، وأمره أن يأخذ بالحقّ كما أمر به الله وأن يبشّر الناس بالخير، ويأمرهم به، ويعلِّم الناس القرآن، ويفقّههم في الدين، وينهى الناس ولا يمسّ أحد القرآن إلَّا وهو طاهر، ويخبر الناس بالذي لهم؛ والذي عليهم؛ ويلين للناس في الحقّ، ويشتدّ عليهم في الظلم؛ فإنّ الله عزّ وجلّ كره الظلم ونهى عنه وقال: {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ}، ويبشِّر الناس بالجنة وبعملها، ويُنذر بالنار وبعملها، ويستألِف الناس حتى يتفقّهوا في الدّين، ويعلّم الناس معالمَ الحجّ وسنَّته وفريضته، وما أمر الله به في الحجّ الأكبر والحجّ الأصغر؛ وهو العُمْرة، وينهَى الناس أن يصلِّيَ أحدٌ في ثوب واحد صغير؛ إلا أن يكون ثوبًا واحدًا يثني طرَفه على عاتقه، وينهى أن يحتبِيَ أحدٌ في ثوب واحد يُفْضِي بفرْجه إلى السماء، وينهى ألَّا يعقص أحد شعر رَأسه إذا عفا في قفاه، وينهى إذا كان بين الناس هَيجٌ عن الدعاء إلى القبائل والعشائر؛ وليكن دعاؤهم إلى الله وحده لا شريك له؛ فمن لم يدعُ إلى الله ودعا إلى القبائل والعشائر فليقطَّعُوا بالسيف حتى يكون دعاؤهم إلى الله وحده لا شريك له، ويأمر الناس بإسباغ الوضوء وجوههم وأيديهم إلى المرافق وأرجلهم إلى الكعبين، ويمسحون برؤوسهم كما أمرهم الله عزّ وجلّ، وأمره بالصَّلاة لوقتها، وإتمام الركوع والخشوع، ويغلِّس بالفجر، ويهجِّر بالهاجرة حين تَمِيل الشمس، وصلاةِ العصر والشمسُ في الأرض مدبرة، والمغرب حينَ يقبل الليل؛ لا تؤخَّر حتى تبدوَ النجوم في السماء، والعشاء أوّلَ الليل. ويأمر بالسَّعي إلى الجُمُعة إذا نودي لها، والغُسل عند الرّواح إليها، وأمره أن يأخذ من المغانم خُمسَ الله وما كتب على المؤمنين في الصدقة من العقار عُشْر ما سقى البعل وما سقت السماء ومِمَّا سقى الغرْب نصف العشر، وفي كلّ عشْر من الإبل شاتان، وفي كلّ عشرين من الإبلِ أربع شياه، وفي كل أربعين من البقر بقرة، وفي كل ثلاثين من البقر تبيع جَذعٌ أو

<<  <  ج: ص:  >  >>