فأقبل خالد بن الوليد إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأقبل معه وفدُ بلْحارث بن كعب؛ فيهم: قيس بن الحُصين بن يزيد بن قَنَان ذي الغُصَّة، ويزيد بن عبد المَدَان، ويزيد بن المُحَجَّل، وعبد الله بن قُرَاد الزياديّ؛ وشدّاد بن عبد الله القَنانيّ، وعمرو بن عبد الله الضبَّابي. فلما قدِمُوا على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فرآهم قال: مَنْ هؤلاء القوم الذين كأنهم رجال الهند؟ قيل: يا رسول الله، هؤلاء بنو الحارث بن كعب؛ فلمّا وقفوا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سلَّموا عليه، فقالوا: نشهد أنك رسولُ الله، وأن لا إله إلا الله، فقال رسول الله: وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله. ثم قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: أنتم الذين إذا زُجِروا استقدموا! فسكتوا، فلم يراجعْه منهم أحد، ثم أعادها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الثانية، فلم يراجعه منهم أحد، ثم أعادها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الثالثة فلم يراجعه منهم أحد، ثم أعادها رسولُ الله الرابعة، فقال يزيد بن عبد المَدان: نعم يا رسولَ الله، نحن الذين إذا زُجِرنا استقدمنا، فقالها أربعَ مرات، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لو أن خالدَ بن الوليد لم يكتُبْ إليّ فيكم أنكم أسلمتم ولم تقاتلوا لألقيت رؤوسكم تحت أقداسكم. فقال يزيد بن عبد المدان: أمَّا والله يا رسول الله، ما حمدناك ولا حمدنا خالدًا، فقال رسول الله: فمن حَمِدتم؟ قالوا: حَمِدْنا الله الذي هدانا بك يا رسول الله؛ قال: صدقتم؛ ثم قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: بمَ كنتم تغلبون مَنْ قاتلكم في الجاهليّة؟ قالوا: لم نكن نغلب أحدًا، فقال رسولُ الله: بلى قد كنتم تغلبون مَنْ قاتلكم، قالوا: يا رسولَ الله، كنا نغلب مَنْ قاتلنا، أنَّا كنا بني عبيد، وكنا نجتمع ولا نتفرّق، ولا نبدأ أحدًا بظلم، قال: صدقتم. ثم أمَّر رسولُ الله على بلْحارث بن كعب قيسَ بن الحُصين. فرجع وفد بلْحارث بن كعب إلى قومهم في بقيّة شوال أو في صدر ذي القعدة، فلم يمكثوا بعد أن قدِموا إلى قومهم إلا أربعة أشهر، حتى توفِّيَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (١). (٣: ١٢٦/ ١٢٧ / ١٢٨).
٣٧٩ - حدَّثنا ابنُ حُميد، قال: حدَّثنا سَلمة، عن ابن إسحاق، قال: حدَّثني
(١) إسناده مرسل ضعيف، وأخرجه ابن هشام من طريق ابن إسحاق معضلًا وذكره ابن كثير عن ابن إسحاق وقال في آخره: بوفد قدمناه في وفد ملوك حمير من طريق البيهقي، وقد رواه النسائي نظير ما ساقه محمد بن إسحاق بغير إسناد (البداية والنهاية ٣/ ٨٠٣).