للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا آل عبد مناف فيم أبو بكر من أموركم! أين المستضعَفان! أين الأذلان عليّ والعباس! وقال: أبا حسنٍ! ابسُط يدك حتى أبايعَك فأبى عليٌّ عليه، فجعل يتمثل بشعر المتلمّس:

ولَنْ يُقِيمَ عَلَى خَسْفٍ يُرادُ بِهِ ... إلَّا الأذلّانِ عَيرُ الحَيِّ وَالوَتِدُ

هذَا عَلَى الْخَسْفِ مَعْكُوسٌ برُمَّتِه ... وذَا يُشَجُّ فَلا يَبكي لَهُ أحَدُ

قال: فزجره عليّ، وقال: إنك والله ما أردتَ بهذا إلا الفتنة. وإنك والله طالما بغيتَ الإسلامَ شرًّا! لا حاجة لنا في نصيحتك.

قال هشام بن محمّد: وأخبرني أبو محمد القرشيّ، قال: لما بويع أبو بكر، قال أبو سفيان لعليّ والعباس: أنتما الأذلّان! ثم أنشد يتمثّل:

إنَّ الهوَانَ حِمَارُ الأهلِ يعْرِفُه ... وَالحُرُّ يَنْكَرُهُ والرَّسْلَةُ الأُجُدُ

ولا يُقيم علَى ضَيْمٍ يُرَادُ بِهِ ... إلا الأَذَلَّانِ عَيرُ الحَيِّ والوَتدُ

هذَا عَلى الخَسْفِ معكوسٌ برُمَّتِه ... وذَا يُشَجُّ فَلا يَبكي لَه أحد (١)

(٢٠٩: ٣ - ٢١٠).

٨ - حدَّثنا ابنُ حميد، قال: حدَّثنا سلَمة عن محمد بن إسحاق، عن الزهريّ، قال: حدَّثنا أنس بن مالك، قال: لما بويع أبو بكر في السقيفة، وكان الغدُ، جلَس أبو بكر على المِنْبَر، فقام عُمر فتكلّم قبل أبي بكر؛ فحمد اللهَ وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: أيها الناس! إنّي قد كنتُ قلت لكم بالأمس مقالة ما كانت إلا عن رأي، وما وجدتُها في كتاب الله، ولا كانت عهدًا عَهِده إليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ ولكني قد كنت أرى أنّ رسول الله سيدبّر أمرنا؛ حتى يكون آخرَنا، وأن الله قد أبقى فيكم كتابه الذي هَدى به رسول الله فإن اعتصمتم به هداكم الله لما كان هَداه له؛ وإنّ الله قد جمع أمركم على خيركم؛ صاحب رسول الله، وثاني اثنين إذْ هما في الغار؛ فقوموا فبايعوا. فبايع الناس أبا بكر بيعة العامّة بعد بيعة السقيفة.

ثم تكلّم أبو بكر، فحمد الله وأثنى عليه بالذي هو أهلُه، ثم قال: أما بعدُ أيها الناس؛ فإني قد وُلّيتُ عليكم ولستُ بخيرِكم؛ فإن أحسنت فأعينوني؛ وإن أسأت


(١) حديث ضعيف وفي متنه نكارة.

<<  <  ج: ص:  >  >>