تعقيب على متون روابات أبي مخنف (٣/ ٢٥٤ - ٥٤، ٣/ ٢٥٥ - ٥٩): هذه الروايات التي جاءت من طريق التالف الهالك أبي مخنف تذكر قبل كل شيء أن طيئًا لم ترتد وهذا مخالف لما أخرجه الطبري من طريق سيف (٣/ ٢٤٢ / ٤٤) من أن القبائل العربية ارتدت عدا قريش وثقيف (وهذه الرواية وإن كانت ضعيفة الإسناد فإنها أقوى سندًا من سند أبي مخنف بكثير) فسيف معتمد في التأريخ عند ابن حجر وعارف به عند الذهبي ضعيف في الحديث إلّا أن أبا مخنف تالف هالك ليس بشيء لا في الحديث ولا في التأريخ. وأضف إلى ذلك فإن رواية السيدة عائشة رضي الله عنها في ارتداد العرب وهي تصف ارتداد الجزيرة بصورة عامة وأن النفاق قد اشرأب فيها، يخالف كذلك ما رواه أبو مخنف. أضف إلى ذلك ما ذكرناه من الشواهد في قسم صحيح عهد الخلفاء الراشدين في حروب الردة فراجعها هناك، ولا نريد أن نطيل هنا أكثر في هذا الموضوع فنحن بصدد تصحيح أو تضعيف الروايات التاريخية عند الطبري ونضطر أحيانًا إلى التفصيل بعض الشيء عن متون الأحاديث الضعيفة- ومن أراد المزيد (من الباحثين وغيرهم) فليراجع ما كتبه الشيخ الفاضل يحيى الحي في كتابه (مرويات أبي مخنف في تاريخ الطبري- تقديم العمري). فقد درس هذه الروايات الضعيفة بالتفصيل ولا ننسى أن نشير إلى أن أبا مخنف قد صوّر خالدًا رضي الله عنه وكأنه يسير في الأرض حسب ما يرى لا كما يأمره خليفة المسلمين الصديق رصي الله عنه، وروايات الطبري (التي ذكرنا في قسم الصحيح) وما معها من شواهد تدلّ دلالة واضحة أن أبا بكر قد رسم له خطة تحركه وكان خالد هو المنفذ الأمين والقوي لهذه الخطة فرضي الله عنهم وأرضاهم.