سبرة في قومه لحدث إن ناب القوم، وقد أطرق قيس ينظر ما الزبرقان صانعٌ. وكان الزبرقان متعتّبًا عليه، وقلّما جامله إلّا مزّقه الزّبرقان بحظوته وجَدّه. وقد قال قيس وهو ينتظر لينظر ما يصنع ليخالفه حين أبطأ عليه: واويلنا من ابن العُكْليّة! والله لقد مزّقني فما أدري ما أصنع! لئن أنا تابعتُ أبا بكر وأتيته بالصّدقة لينحرنّها في بني سعد فليسودُنّي فيهم، ولئن نحرتها في بني سعد ليأتينّ أبا بكر فليسوّدَنّي عنده. فعزم قيس على قسمها في المقاعس والبطون، ففعل. وعزم الزّبرقان على الوَفاء، فاتّبع صَفوانَ بصدقات الرِّباب وعوف والأبناء حتى قدِم بها المدينة، وهو يقول، ويُعرّض بقيس:
وفيتُ بأذْوادِ الرَّسول وقد أبَتْ ... سُعاة فلم يَردُدْ بعيرًا مُجيرُها
وتحلّل الأحياء ونشب الشرّ، وتشاغلوا وشَغَل بعضُهم بعضًا. ثم ندم قيس بعد ذلك، فلما أظلّه العَلاء بن الحَضْرميّ أخرج صدقتها؛ فتلقّاه بها؛ ثم خرج معه، وقال في ذلك:
ألا أبْلِغَا عَنّي قريشًا رسالةً ... إذا ما أتَتْها بيّناتُ الودائع
فتشاغلت في تلك الحال عَوْف والأبناء بالبُطون والرِّباب بمقاعس، وتشاغلت خَضّمَ بمالك وبَهْدَى بيربوع؛ وعلى خَضّم سَبْرة بن عمرو، وذلك الذي حلَّفه عن صفوان والحصين بن نيار على بَهْدَى، والرّباب؛ عبد الله بن صَفوان على ضبَّة، وعصمة بن أبَير على عبد مناة، وعلى عوف والأبناء عوف بن البلاد بن خالد من بني غَنْم الجُشميّ، وعلى البطون سِعْر بن خُفاف؛ وقد كان ثمامة بن أثال تأتيه أمدادٌ من بني تميم؛ فلمّا حدث هذا الحدث فيما بينهم تراجعوا إلى عشائرهم، فأضرَّ ذلك بثمامة بن أثال حتى قدم عليه عكرمة وأنهضه؛ فلم يصنع شيئًا؛ فبينا الناس في بلاد تميم على ذلك، قد شغل بعضهم بعضًا فمُسْلِمُهم بإزاء من قَدّم رجْلًا وأخَّر أخرى وتربَّص، وبإزاء من ارتاب، فجِئَتْهم سَجَاح بنت الحارث قد أقبلت من الجزيرة، وكانت ورهطها في بني تغلب تقود أفناءَ ربيعة، معها الهُذَيل بن عمران في بني تغلب، وعَقَّة بن هلال في النّمر، وتاد بن فلان في إياد، والسَّليل بن قيس في شَيبان، فأتاهم أمرٌ دهيّ، هو أعظم مما فيه الناس، لهجوم سَجاح عليهم، ولما هم فيه من اختلاف الكلمة، والتشاغل بما بينهم. وقال عُفيف بن المنذر في ذلك: