للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألم يأتيك والأنباءُ تَسْرِي ... بما لاقَتْ سَراة بني تَميم

تَدَاعَى مِنْ لسراتهمُ رِجَالٌ ... وكانوا في الذَّوائب والصَّميم

وألْجَوْهم وكان لهم جِنابٌ ... إلى أحياء خاليةٍ وخِيمِ

وكانت سَجاح بنت الحارث بن سويد بن عُقْفان -هي وبنو أبيها عُقْفان- في بني تغلب، فتنبَّتْ بعد موت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالجزيرة في بني تغلب. فاستجاب لها الهُذيل، وترك التنصّر؛ وهؤلاء الرؤساء الذين أقبلوا معها لتغزوَ بهم أبا بكر. فلما انتهتْ إلى الحَزْن راسلتْ مالك بن نُويرة ودعَتْه إلى الموادعة، فأجابها، وفثأها عن غزوها، وحَملَها على أحياء من بني تميم، قالت: نعم، فشأنَك بمن رأيت، فإني إنما أنا امرأة من بني يربوع، وإن كان مُلك فالمُلك مُلْككم. فأرسلت إلى بني مالك بن حنظلة تدعُوهم إلى الموادعة، فخرج عطارد بن حاجب وسروات بني مالك حتى نزلوا في بني العنبر على سَبْرة بن عمرو هرّابًا قد كرهوا ما صنع وكيع، وخرج أشباههم من بني يربوع؛ حتى نزلوا على الحصين بن نيَار في بني مازن، وقد كرهوا ما صنع مالك؛ فلمّا جاءت رسلُها إلى بني مالك تطلب الموادعة، أجابها إلى ذلك وكيع، فاجتمع وكيع ومالك وسجاح، وقد وادع بعضهم بعضًا، واجتمعوا على قتال الناس وقالوا: بمن نبدأ؟ بخَضمَ، أم ببَهدى، أم بعوف والأبناء، أم بالرِّباب؟ وكفّوا عن قيس لما رأوا من تردّدِه وطمعوا فيه، فقالت: "أعِدُّوا الرّكاب، واستعدّوا للنّهاب؛ ثمّ أغيروا على الرّباب، فليس دونهم حجاب".

قال: وصمدتْ سجاح للأحفار حتى تنزِل بها، وقالت لهم: إنّ الدَّهناء حجاز بني تميم؛ ولن تعدو الرّباب؛ إذا شدّها المصاب، أن تلوذ بالدجاني والدهاني؛ فلينزلها بعضكم. فتوجّه الجفول -يعني: مالك بن نُوَيرة- إلى الدّجاني فنزلها؛ وسمعتْ بهذا الرّباب فاجتمعوا لها؛ ضَبَّتها وعبد مناتها، فولي وَكِيع وبِشْر بني بكْر من بني ضَبّة، وَوَليَ ثعلبة بن سَعْد بن ضَبَّة عقَّة، وولِيَ عبدَ مناة الهذيلُ. فالتقى وكيع وبشر وبنو بكر من بني ضَبَّة، فهُزما، وأسِرَ سماعة، ووكيع وقَعْقاع، وقتلتْ قتلى كثيرة؛ فقال في ذلك قَيس بن عاصم؛ وذلك أوّلَ ما استبان فيه الندم:

كأنّك لم تَشْهَدْ سَمَاعةَ إذْ غَزَا ... وما سُرّ قَعْقاعٌ وخابَ وَكيعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>