للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عطية بن بلال، قال: لما انصرفتْ سَجاح إلى الجزيرة؛ ارعَوَى مالك بن نُوَيرة، وندم وتحيَّر في أمره، وعرف وكيع وسماعة قُبْحَ ما أتيا، فرجعا رجوعًا حسنًا، ولم يتجبَّرا، وأخرجا الصدقات فاستقبلا بها خالدًا؛ فقال خالد: ما حملكما على موادعة هؤلاء القوم؟ فقالا: ثأرٌ كنَا نطلبه في بني ضَبَّة؛ وكانت أيام تشاغُل وفرص، وقال وكيع في ذلك:

فلا تَحْسَبا أنِّي رجعتُ وأنني ... مُنِعْتُ وقد تُحْنَى إليَّ الأصابعُ

ولكنّني حامَيتُ عن جُلِّ مالكٍ ... ولاحَظْتُ حتى أكْحَلْتني الأخادِعُ

فلمّا أتَانا خالدٌ بلِوائه ... تخَطتْ إليه بالبُطَاح الوَدَائعُ

ولم يبق في بلاد بني حنظلة شيء يكره إلا ما كان من مالك بن نُويرة ومَن تأشب إليه بالبُطاح؛ فهو على حاله متحيِّرٌ شَجٍ (١). (٣: ٢٧٦).

٥٤ - كتب إليَّ السريُّ عن شعيب، عن سيف، عن سهل، عن القاسم وعمرو بن شعيب، قالا: لما أراد خالد السَّير خرج من ظَفَر، وقد استبرأ أسدًا، وغَطَفان، وطيِّئًا، وهوازن، فسار يريدُ البُطاح دون الحَزْن؛ وعليها مالك بن نُوَيرة، وقد تردّد عليه أمره، وقد تردّد الأنصار على خالد وتخلَّفت عنه، وقالوا: ما هذا بعهد الخليفة إلينا! إنّ الخليفة عَهِد إلينا إن نحن فرغنا من البُزاخة، واستبرأنا بلادَ القوم أن نقيمَ حتَّى يكتب إلينا. فقال خالد: إن يكُ عهد إليكم هذا فقد عهد إليّ أن أمضي، وأنا الأمير وإليّ تنتهي الأخبار. ولو أنَّه لم يأتني له كتاب ولا أمر؛ ثم رأيت فرصةً؛ فكنت إن أعلمته فاتتني لم أعْلِمْه حتى أنتهزها؛ كذلك لو ابتُلينا بأمر ليس منه عهد إلينا فيه لم نَدَعْ أن نرى أفضلَ ما بحضرتنا، ثم نعمل به. وهذا مالك بن نُوَيرة بحيالنا، وأنا قاصد إليه ومَن معي من المهاجرين والتابعين بإحسان؛ ولست أكرهكم. ومضى خالد، وندمت الأنصار، وتَذَامروا، وقالوا: إن أصاب القوم خيرًا إنه لَخَير حُرِمتموه، وإن أصابتهم مصيبة ليجْتَنِبنكم الناس. فأجمعوا للّحاق بخالد وجرّدوا إليه رسولًا؛ فأقام عليهم حتى لحِقوا به، ثم سار حتى قدم البُطاح فلم يجد به أحدًا (٢). (٣: ٢٧٦/ ٢٧٧)


(١) إسناده ضعيف وسنتحدث عنه بعد الأثر / ٨٥.
(٢) إسناده ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>