للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنت حَيّ! فقال: قد حَرَصتُ على ذلك أن يكون، ولكن نفسي تأخرَتْ، فأكرمه الله بالشَّهادة. وقال سهل: قال: ما جاء بك وقد هلك زيد؟ ألا واريتَ وجهك عنّي! فقال: سأل الله الشهادة فأعطِيها، وجهدتُ أن تُسَاق إليّ فلم أعْطَها. (٣: ٢٩٢).

٧١ - كتب إليّ السريّ عن شعيب، عن سيف، عن طلحة بن الأعْلم، عن عُبيد بن عمير: أنّ المهاجرين والأنصار جَبَّنوا أهَل البوادي وجَبَّنهم أهلُ البوادي، فقال بعضهم لبعض: امتازوا كي نُسْتحْيَا من الفرار اليوم، ونعرف اليوم من أين نؤتى! ففعلوا. وقال أهلُ القرى: نحن أعلم بقتال أهل القُرى يا معشَر أهل البادية منكم، فقال لهم أهل البادية: إن أهل القرى لا يحسنون القتال، ولا يدرون ما الحرب! فستَرَوْن إذا امتزنا من أين يجيء الخلل! فامتازوا، فما رُئي يوم كان أحد ولا أعظم نكايةً مما رُئيَ يومئذ؛ ولم يُدْرَ أيّ الفريقين كان أشدّ فيهم نكاية! إلّا أن المصيبة كانت في المهاجرين والأنصار أكثرَ منها في أهل البادية، وأنّ البقيَّة أبدًا في الشدّة. ورَمى عبدُ الرحمن بن أبي بكر المحكَّمَ بسهم فقتله وهو يخطب، فنحره وقَتَل زيدُ بن الخطاب الرجَّال بن عُنْفوة. (٣: ٢٩٢).

٧٢ - كتب إليّ السريّ عن شعيب، عن سيف، عن الضَّحاك بن يربوع، عن أبيه، عن رجل من بني سُحَيم قد شهدها مع خالد، قال: لمَّا اشتدَّ القتال -وكانت يومئذ سِجَالًا إنَّما تكون مرة على المسلمين ومرّة على الكافرين- فقال خالد: أيُّها الناس امتازوا لنعلَم بلاء كلّ حيّ، ولنعلم من أين نؤتى! فامتاز أهلُ القُرى والبوادي، وامتازت القبائل من أهل البادية وأهل الحاضر؛ فوقف بنو كلّ أب على رايتهم، فقاتلوا جميعًا، فقال أهل البَوادي يومئذ: الآن يستحرّ القتل في الأجزع الأضعف، فاستحرّ القتل في أهل القرى، وثبت مسيلمة، ودارت رحاهم عليه، فعرف خالدٌ أنَّها لا تركُد إلّا بقتل مسيلمة؛ ولم تحْفل بنو حنيفة بقتل مَن قتل منهم. ثم برز خالد، حتى إذا كان أمام الصّفّ دعا إلى البراز وانتمى، وقال: أنا ابنُ الوليد العوْد، أنا ابن عامر وزيد! ونادى بشعارهم يومئذ، وكان شعارهم يومئذ: يا محمداه! فجعل لا يبرز له أحدٌ إلا قتله، وهو يرتجز:

<<  <  ج: ص:  >  >>