للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمر، وعبد الرحمن بن أبي بكر: ارتحلْ بنا وبالنَّاس فأنزل على الحصون، فقال: دعاني أبُثّ الخيولَ فألقط مَن ليس في الحصون، ثم أرى رأيي. فبثّ الخيول فَحَووْا ما وجدوا من مال ونساء وصبيان، فضمّوا هذا إلى العسكر، ونادى بالرّحيل لينزل على الحصون، فقال له مجَّاعة: إنَّه والله ما جاءك إلّا سَرَعان الناس، وإنّ الحصون لمملوءة رجالًا، فهلمّ لك إلى الصُّلح على ما ورائي، فصالحه على كلّ شيء دون النفوس. ثم قال: أنطلق إليهم فأشاورهم وننظر في هذا الأمر؛ ثمّ أرجع إليك. فدخل مجَّاعة الحصون، وليس فيها إلا النساء والصبيان ومشيخة فانية، ورجال ضعْفى فظَاهَر الحديد على النساء وأمرهنّ أن ينشرن شعورهن، وأن يشرِفْن على رؤوس الحصون حتى يرجع إليهن؛ ثم رجع فأتى خالدًا فقال: قد أبوْا أن يُجيزوا ما صنعتُ، وقد أشرف لك بعضهم نقضًا عليَّ وهم منِّي بُرَآء. فنظر خالد إلى رؤوس الحصون وقد اسودّت، وقد نَهَكَت المسلمين الحرب، وطال اللقاء؛ وأحبُّوا أن يرجعوا على الظَّفَر، ولم يدروا ما كان كائنًا لو كانَ فيها رجال وقتال، وقد قتل من المهاجرين والأنصار من أهل قصَبة المدينة يومئذ ثلاثمئة وستون. قال سهل: ومن المهاجرين من غير أهل المدينة والتابعين بإحسان ثلاثمئة من هؤلاء وثلاثمئة من هؤلاء؛ ستمئة أو يزيدون. وقتل ثابت بن قيس يومئذ؛ قتله رجل من المشركين قُطعت رجلُه، فرمى بها قاتله فقتله، وقتل من بني حنيفة في الفضاء بعَقْرَباء سبعة آلاف، وفي حديقة الموت سبعة آلاف؛ وفي الطلب نحْوٌ منها.

وقال ضرَارُ بن الأزْوَر في يوم اليمامة:

ولو سُئِلِتْ عنَّا جَنُوبُ لأخْبَرَتْ ... عشيَّةَ سالتْ عَقْرَباءُ ومَلْهَمُ

وسال بفرْع الوادِ حتى تَرَقْرَقَتْ ... حجارتُه فيها من القوم بالدَّمِ

عشيَّةَ لا تُغني الرِّماحُ مكانَها ... ولا النّبْلُ إلَّا المَشْرَفيُّ المُصَمِّمُ

فإن تَبْتَغي الكفَّارَ غير مُلِيمَةٍ ... جنُوب، فإنِّي تابعُ الدين مُسْلِمُ

أجاهد إذ كان الجهادُ غنيمة ... وَللهُ بالمَرْء المجاهدِ أعلمُ

(٣: ٢٩٥/ ٢٩٦ / ٢٩٧).

٧٨ - حدَّثنا ابنُ حميد، قال: حدَّثنا سلَمة عن ابن إسحاق، قال: قال مجَّاعة لخالد ما قال إذ قال له: فهلمّ لأصالحك عن قومي لرجل قد نهكتْه الحرب،

<<  <  ج: ص:  >  >>