وأصيب معه من أشراف الناس مَنْ أصيب؛ فقد رقّ وأحبّ الدَّعَة والصُّلْح. فقال: هلمّ لأصالحك، فصالحه على الصّفْراء والبَيضاء والحَلْقة ونصف السَّبْي. ثم قال: إنّي آتي القوم فأعرض عليهم ما قد صنعت. قال: فانطلق إليهم، فقال للنساء: الْبَسْنَ الحديد، ثم أشْرِفنَ على الحصون، ففعلن. ثم رجع إلى خالد، وقد رأى خالدٌ الرِّجال فيما يرى على الحُصُون عليهم الحديد. فلمَّا انتهى إلى خَالد، قال: أبوْا ما صالحتُك عليه، ولكنْ إن شئتَ صنعت لك شيئًا، فعزمتُ على القوم. قال: ما هو؟ قال: تأخذُ منّي رُبْعَ السَّبْي وتَدَعُ ربعًا. قال خالد: قد فعلت، قال: قد صالحتُك، فلمَّا فرغا فتحت الحصون، فإذا ليس فيها إلّا النّساء والصّبيان، فقال خالد لمجَّاعة: ويحك خدعتني! قال: قومي، ولم أستطع إلا ما صنعت. (٣: ٢٩٧/ ٢٩٨).
٧٩ - كتب إليّ السريّ عن شعيب، عن سيف، عن سهل بن يوسف، قال: قال مجَّاعة يومئذ ثانية: إن شئت أن تقبل مني نِصْفَ السَّبْي، والصَّفْراء، والبيضاء، والحلْقة، والكُراع؛ عزمت، وكتبت الصُّلْحَ بيني وبينك. ففعل خالد ذلك، فصالحه على الصَّفْراء، والبيضاء، والحلْقة، والكُراع، وعلى نصف السبْي، وحائط من كلّ قرية يختاره خالد، ومزرعة يختارها خالدَ، فتقاضَوْا على ذلك، ثم سرّحه، وقال: أنتم بالخيار ثلاثًا؛ والله لئن لم تُتِمُّوا، وتقبلوا؛ لأنهدَنّ إليكم، ثم لا أقبل منكم خَصْلة أبدًا إلّا القتل. فأتاهم مجَّاعة فقال: أمَّا الآن فاقبلوا، فقال سلَمة بن عمير الحنفيّ: لا والله لا نقبل! نبعث إلى أهل القرى، والعبيد، فنقاتل، ولا نقاضي خالدًا، فإنّ الحصون حصينة، والطعام كثير، والشتاء قد حَضر. فقال مجَّاعة: إنَّك امرؤٌ مشؤوم، وغرّك أنّي خدعت القوم حتى أجابوني إلى الصلح، وهل بقي منكم أحد فيه خيرٌ، أو به دَفْع! وإنَّما أنا بادرَتكم قبل أن يصيبَكم ما قال شرحبيل بن مسيلمة، فخرج مجَّاعة سابع سبعة حتى أتى خالدًا، فقال: بعد شدّ ما رضوا؛ اكتب كتابك، فكتب:
هذا ما قاضى عليه خالد بن الوليد بن مجَّاعة بن مرارة، وسلَمة بن عمير، وفلانًا، وفلانًا؛ قاضاهم على الصَّفْراء، والبَيضاء، ونصف السَّبْي، والحلْقة، والكُراع، وحائط من كلّ قرية؛ ومزرعة؛ على أن يُسلموا ثمّ أنتم آمنون بأمان