لولا المشقة ساد الناس كلهم ... الجود يُفْقِرُ والإقدام قتّالُ فإن كان عكرمة أسرع إلى المعركة وحده فليس إلّا حرصا منه على استباق الخيرات وإذلال عدو الله ونصرة شريعة الله وجنده. وكذلك الحال مع شرحبيل وغيره رضي الله عنهم جميعًا والناقد لروايات التأريخ سندًا ومتنًا يستطيع لو تأمّل مليًا أن يستخرج ما دُسَّ في وقائع تلك الأحداث وطعنًا في هاتين الروايتين وغيرهما لا يعني أن جُلّ ما فيها غير صحيح بل سنذكر منها مقاطع في قسم (صحيح عهد الخلفاء الراشدين) لأن لها ما يؤيدها ولا دخل لها في المسائل العقيدية أو الطعن في عدالة الصحابة أو التحيز إلى فئة دون أخرى بدافع سياسي أو عقدي. ٢ - وفي الرواية (٣/ ٢٩٠ / خ ٩٥): صورة شائنة ألصقها الراوي بالصحابي الجليل البراء بن مالك أخي أنس بن مالك وهذه الرواية من طريق ابن حميد وهو ضعيف عند أغلب أئمة الحديث أضف إلى أنه من طريق ابن إسحاق وقد عنعن وأبهم اسم شيخه. ففي إسناده جهالة كذلك. ٣ - وفي الرواية (٣/ ٢٩٢ / خ ١٠١) طامّات بدل طامة وهي كذلك من طريق (شعيب عن سيف عن طلحة بن الأعلم) وموقف شعيب معروف في دسّه على السلف الصالح، وضعف سيف معروف، وشيخه هنا لم يوثقه أحد. وفيها على سبيل المثال: أن المهاجرين والأنصار كانوا سببًا في هزيمة المسلمين أكثر من أهل القرى والبادية الذين انضموا إلى جيش المسلمين، ونسي: أن المهاجرين والأنصار خاضوا معارك مباركة كبدر وأحد والخندق وغيرها وضربوا أروع الأمثلة في البسالة، والشجاعة، والروايات الضعيفة في مثالب المهاجرين والأنصار كما في هذه الرواية التي فيها: أن المهاجرين والأنصار جبّنوا أهل البوادي. نقول: هذه الروايات لا تستطيع أن تقاوم ما تواتر من الأخبار الصحيحة في شجاعة الصحابة وإقدامهم وإيثارهم وعدالتهم وهم خير القرون بنص حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والله تعالى أعلم. =