رُوي عن ابن عباس وسعيد بن جبير والثوري أنهم قالوا: كان ضرير البصر. وقد رُوي في حديث مرفوع: أنه بكى من حب الله حتى عمى، فرد الله عليه بصره، وقال: "يا شعيب .. أتبكي خوفًا من النار؟ أو من شوقك إلى الجنة؟ فقال: بل من محبتك، فإذا نظرت إليك فلا أبالي ماذا بصنع بي، فأوحى الله إليه: هنيئًا لك يا شعيب لقائي، فلذلك أخدمتك موسى بن عمران كليمي". رواه الواحدي عن أبي الفتح محمد بن علي الكوفي، عن علي بن الحسن بن بندار، عن عبد الله محمد بن إسحاق الرملي، عن هشام بن عمار، عن إسماعيل بن عباس، عن يحيى بن سعيد، عن شداد بن أوس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بنحوه. وهو غريب جدًّا، وقد ضعفه الخطيب البغدادي. وقولهم: {وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَينَا بِعَزِيزٍ} هذا من كفرهم البليغ، وعنادهم الشنيع، حيث قالوا: {مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ} أي: ما نفهمه ولا نعقله، لأننا لا نحبه ولا نريده، وليس لنا همة إليه، ولا إقبال عليه. وهو كما قال كفار قريش لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَينِنَا وَبَينِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ}. وقولهم: {وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا} أي: مضطهدًا مهجورًا، {وَلَوْلَا رَهْطُكَ} أي: قبيلتك وعشيرتك فينا {لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَينَا بِعَزِيزٍ}. {قَال يَاقَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيكُمْ مِنَ اللَّهِ} أي: تخافون قبيلتي وعشيرتي وترعونني بسببهم، ولا تخافون عذاب الله؟ ولا تراعوني لأني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فصار رهطي أعز عليكم من الله: {وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا} أي: جانب الله وراء ظهوركم {إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} أي: هو عليم بما تعملونه وما تصنعونه، محيط بذلك كله، وسيجزيكم عليه يوم ترجعون إليه. {وَيَاقَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ}. هذا أمر تهديد شديد ووعيد أكيد، بأن يستمروا على طريقتهم ومنهجهم وشاكلتهم، فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار ومن يحل عليه الهلاك والبوار: {مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ} أي في هذه الحياة الدنيا {وَيَحِلُّ عَلَيهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ} أي في الآخرة {وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ} أي مني ومنكم فيما أخبر وبشر وحذر. {وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ} هذا كقوله: {وَإِنْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَينَنَا وَهُوَ خَيرُ الْحَاكِمِينَ}. {قَال الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَاشُعَيبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَال أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ (٨٨) قَدِ افْتَرَينَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ =