مقاتلًا إلّا قتلوه؛ ضربوا أعناقهمِ صبْرًا، وأحصى ألف امرأة ممَّن في النُّجير والخَنْدق، ووضع على السَّبْي والفيء الأحراس، وشاركهم كثير (١). (٣: ٣٤٠).
١٠٨ - وقال كَثِير بن الصّلت: لمّا فتح الباب وفرغ ممن في النجير، وأحصي ما أفاء الله عليهم؛ دعا الأشعث بأولئك النَّفَر، ودعا بكتابه فعرَضهم، فأجاز من في الكتاب، فإذا الأشعث ليس فيه، فقال المهاجر: الحمد لله الَّذي أخطأك نوْءُك يا أشعث! يا عدوّ الله! قد كنت أشتهي أن يخزيك الله. فشدّه وثاقًا، وهمّ بقتله، فقال له عكرمة: أخِّرْه، وأبلغْه أبا بكر، فهو أعلمُ بالحكْم في هذا، وإنه كان رجلًا نسي اسمه أن يكتبه؛ وهو وليّ المخاطبة، أفذاك يبطل ذاك؟ ! فقال المهاجر: إنّ أمره لبيِّنٌ، ولكني أتَّبع المشورة وأوثرها. وأخَّرَه وبعث به إلى أبي بكر مع السَّبْي، فكان معهم يلعنه المسلمون، ويلعنه سبايا قومه، وسمَّاه نساء قومه عُرْفَ النَّار -كلامٌ يمانيُّ يسمُّون به الغادر- وقد كان المغيرة تحيَّر ليلَه للَّذي أراد الله، فجاء والقوم في دمائهم والسَّبْي على ظَهْر، وسارت السبايا والأسْرَى، فقدم القوم على أبي بكر رحمه الله بالفَتْح والسَّبَايا والأسرى. فدعا بالأشعث، فقال: استزلك بنو وَليعة، ولم تكن لتستزلَّ لهم -ولا يروْنك لذلك أهلًا- وهلكوا، وأهلكوك! أما تَخشى أن تكون دعوةُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد وصل إليك منها طرفٌ! ما تراني صانعًا بك؟ قال: إني لا علم لي برأيك، وأنت أعلم برأيك، قال: فإنّي أرى قتلك. قال: فإنّي أنا الذي راوضتُ القوم في عشرة، فما يحلُّ دمي، قال: أفَوّضُوا إليك؟ قال: نعم، قال: ثم أتيتَهُمْ بما فوّضُوا إليك فختموه لك؟ قال: نعم، قال: فإنَّما وجب الصّلح بعد خَتْم الصحيفة على مَن في الصحيفة، وإنَّما كنتَ قبل ذلك مُراوضًا. فلمَّا خَشِيَ أن يقع به قال: أو تحتسب فيّ خيرًا فتطلق إساري، وتُقيلني عثرتي، وتقبل إسلامي، وتفعل بي مثل ما فعلتَه بأمثالي وتردّ عليَّ زوجتي - وقد كان خطب أمَّ فَرْوة بنت أبي قحافة مَقْدَمه على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فزوجه وأخرها إلى أن يقدم الثانية، فمات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفعلِ الأشعث ما فعل، فخشيَ ألّا تُردّ عليه - تجدُني خيْرَ أهل بلادي لدين الله! فتجافى له عن دمه، وقَبِل منه، وردّ عليه أهله، وقال: أنطلقْ فلْيبلغي عنك خيرٌ، وخلّى عن القوم فذهبوا، وقسّم أبو بكر في الناس الخُمْس، واقتسم