خالد الخورنَق، وقد قطع الآزاذبه الفُرات هاربًا من غير قتال؛ وإنَّما حداه على الهَرَب: أنّ الخبر وقع إليه بموت أردشير ومصاب اينه، وكان عسكره بين الغَريين والقصر الأبيض. ولمَّا تتامّ أصحابُ خالد إليه بالخورنق خرج من العسكر حتى يعسكر بموضع عسكر الآزاذبه بين الغريين والقصر الأبيض، وأهلُ الحيرة متحصنون، فأدخل خالد الحيرة الخيلَ من عسكره، وأمر بكلّ قصر رجلًا من قوّاده يحاصر أهلَه ويقاتلهم، فكان ضرار بن الأزور محاصرًا القصر الأبيض، وفيه إياس بن قَبيصة الطائي، وكان ضرار بن الخطاب محاصرًا قصر العدَسيين وفيه عديّ بن عديّ المقتول، وكان ضرار بن مقرّن المزنيّ عاشر عشرة إخوة له محاصرًا قصرَ بني مازن، وفيه ابن أكَّال؛ وكان المثنَّى محاصرًا قصر ابن بُقيلة وفيه عمرو بن عبد المسيح؛ فدعوهم جميعًا، وأجَّلُوهم يومًا، فأبى أهلُ الحيرة ولجُّوا، فناوشهم المسلمون (١). (٣: ٣٥٩/ ٣٦٠).
١٣٩ - حدّثني عبيدُ الله بن سعد، قال: حدّثني عمّي عن سيف، عن الغُصْن بن القاسم، رجل من بني كنانة - قال أبو جعفر: هكذا قال عُبيد الله. وقال السَّريّ فيما كتب به إليّ: حدّثنا شُعيب عن سيف، عن الغصن بن القاسم، عن رجل من بني كنانة - قال: عهد خالد إلى أمرائه أن يبدؤوا بالدّعاء، فإن قَبِلُوا؛ قبلوا منهم، وإن أبْوا؛ أن يؤجّلوهم يومًا، وقال: لا تمكِّنوا عدوّكم من آذانكم، فيتربّصوا بكم الدوائر؛ ولكن ناجزُوهم ولا تُرَدّدُوا المسلمين عن قتال عدوّهم. فكان أوّل القُوّاد أنشب القتال بعد يوم أجلوهم فيه ضرار بن الأزور، وكان على قتال أهل القَصْر الأبيض، فأصبحوا وهم مشرفُون؛ فدعاهم إلى إحدى ثلاث: الإسلام، أو الجِزَاء، أو المنابذة، فاختاروا المنابذة وتنادوا: عليكم الخزازيف، فقال ضرار: تنحَّوْا لا ينالكم الرّمي؛ حتى ننظر في الذي هتفوا به. فلم يلبث أن امتلأ رأسُ القصر من رجال متعلّقي المخالي، يرمون المسلمين بالخزازيف -وهي المداحي من الخَزَف- فقال ضرار: ارشقوهم، فدنوْا منهم فرشقُوهم بالنَّبْل، فأعروْا رؤوس الحيطان، ثم بَثُّوا غارتهم فيمن يليهم، وصبّح أمير كلّ قوم أصحابه بمثل ذلك، فافتتحوا الدُّور والدّيرات، وأكثروا القتل، فنادى القسيسون والرُّهبان: يا أهلَ القصور! ما يقتلنا غيركم. فنادى أهل