القصور: يَا معشرَ العرب! قد قبِلْنا واحدة من ثلاث، فادعوا بنا وكُفّوا عنّا حتَّى تبلغونا خالدًا. فخرج إياس بن قَبيصة وأخوه إلى ضرار بن الأزور، وخرج عديّ بن عديّ وزيد بن عديّ إلى ضرار بن الخطاب -وعديّ الأوسط الذي رثته أمّه وقتل يوم ذي قَار- وخرج عمرو بن عبد المسيح وابن أكَّال، هذا إلى ضرار بن مقرّن، وهذا إلى المثنَّى بن حارثة، فأرسلوهم إلى خالد وهم على مواقفهم (١). (٣: ٣٦٠/ ٣٦١).
١٤٠ - كتب إليّ السريّ عن شعيب، عن سيف، عن محمد عن أبي عثمان، وطلحة عن المغيرة قالا: كان أوّل مَنْ طلب الصلح عمرو بن عبد المسيح بن قيس بن حيّان بن الحارث وهو بُقَيْلة - وإنما سُمي بُقَيلة؛ لأنه خرج على قومه في برْدَيْن أخضرين، فقالوا: يا حارِ ما أنت إلا بُقَيلة خضراء - وتتابعوا على ذلك، فأرسلهم الرؤساء إلى خالد، مع كلّ رجل منهم ثقة؛ ليصالح عليه أهلَ الحصن، فخلا خالد بأهلِ كل قصرٍ منهم دون الآخرين، وبدأ بأصحاب عديّ، وقال: ويحكم! ما أنتم! أعرب؟ فما تنقمون من العرب! أو عجم؟ فما تنقمون من الإنصاف والعدل! فقال له عديّ: بل عرب عاربة وأخرى متعرّبة، فقال: لو كنتم كما تقولون لم تحادُّونا وتكرهوا أمرنا، فقال له عديّ: ليَدلّك على ما نقول أنَّه ليس لنا لسان إلّا بالعربية، فقال: صدقتَ. وقال: اختاروا واحدة من ثلاث: أن تدخلوا في ديننا فلكم ما لنا وعليكم ما علينا إن نهضتم وهاجرتم وإن أقمتم في دياركم، أو الجزية، أو المنابذة والمناجزة؛ فقد والله أتيتُكم بقوم هم على الموت أحرصُ منكم على الحياة، فقال: بل نعطيك الجِزْية، فقال خالد: تبًّا لكم، ويحكم! إنّ الكُفْر فلاة مَضَلَّة، فأحمقُ العرب مَن سلكها فلقيه دليلان: أحدهما عربيّ فتركه واستدلّ الأعجميّ. فصالحوه على مئة ألف وتسعين ألفًا؛ وتتابعوا على ذلك، وأهْدَوْا له هَدَايا، وبعث بالفتح والهدايا إلى أبي بكر رحمه الله مع الهذيل الكاهليّ، فقبلها أبو بكر من الجِزَاء، وكتب إلى خالد أن احسبْ لهم هديّتهم من الجِزَاء، إلّا أن تكون من الجِزَاء، وخذ بقيَّة ما عليهم فَقوِّ بها أصحَابك. وقال ابنُ بُقَيْلة: