١٥٧ - كتب إليّ السريّ عن شعيب، عن سيف، عن محمد بن عبد الله عن أبي عثمان، وطلحة عن المغيرة، والمهلَّب عن سياه، وسُفْيان عن ماهان، قالوا: كان أبو بكر رحمه الله قد عهد إلى خالد أن يأتيَ العراق من أسفل منها، وإلى عياض أن يأتيَ العراق من فَوْقِها، وأيُّكما سبق إلى الحيرة فهو أميرٌ على الحيرة؛ فإذا اجتمعتما بالحيرة إن شاء الله وقد فَضضتما مسالح ما بين العرب وفارس وأمِنتم أن يؤتيَ المسلمون من خلْفهم؛ فلْيقم بالحيرة أحدُكما، ولْيقتحم الآخر على القَوم، وجالدوهم عمَّا في أيديهم، واستعينوا بالله واتَّقُوه، وآثروا أمرَ الآخرة على الدنيا يجتمعا لكم؛ ولا تؤثروا الدنيا فتسلَبوهما. واحذروا ما حذّركم الله بترك المعاصي ومعاجلة التوبة؛ وإيَّاكم والإصرار وتأخير التوبة.
فأتى خالد على ما كان أمر به، ونزل الحيرة، واستقام له ما بين الفلاليج إلى أسفل السَّواد، وفرّق سَواد الحيرة يومئذ على جرير بن عبد الله الحميريّ، وبشير بن الخَصاصيَّة، وخالد بن الواشمة، وابن ذي العنق، وأطّ، وسويد، وضرار، وفرّق سواد الأبُلَّة على سُوَيد بن مقرّن، وحَسَكة الحبطيّ، والحصين بن أبي الحُرّ، وربيعة بن عِسْل، وأقرّ المسالحَ على ثُغورهم، واستخلَف على الحيرة القعقاع بن عمرو، وخرج خالد في عملِ عياض ليقضيَ ما بينه وبينه، ولإغاثته، فسلك الفَلُّوجة حتى نزل بكَرْبَلاء وعلى مَسْلَحتها عاصم بن عمرو، وعلى مقدّمة خالد الأقرع بن حابس؛ لأنّ المثنَّى كان على ثَغْر من الثُّغور التي تلي المدائن؛ فكانوا يغاورون أهل فارس، وينتهون إلى شاطئ دجلة قبل خروج خالد من الحيرة وبعد خروجه في إغاثة عياض (١). (٣: ٣٧٢/ ٣٧٣).
١٨٠ - كتب إليّ السريّ عن شُعَيب، عن سيف، عن أبي رَوْق، عمَّن شهدهم بمثله، إلى أن قال: وأقام خالد على كَرْبَلاء أيَّامًا، وشَكَا إليه عبدُ الله بن وثيمة الذُّباب، فقال له خالد: اصْبِر فإنِّي إنَّما أريد أن أستفرغ المسالح التي أمر بها عياضٌ فنُسكنها العرب، فتأمن جنود المسلمين أن يؤتَوْا من خَلْفهم، وتجيئنا العرب أمِنةً وغير مُتَعْتَعَةٍ؛ وبذلك أمرَنا الخليفة، ورأيه يعدل نَجْدَة الأمَّة. وقال رجل من أشْجَع فيما حَكى ابن وثيمة: