للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وددت أنّي سألتُ عنهنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -. فأمَّا الثلاث اللّاتي وددت أنّي تركتُهنّ: فوددْت أنّي لم أكشِفْ بيتَ فاطمة عن شيء. وإن كانوا قد غلَّقوه على الحرب، ووددت أني لم أكن حَرَقْتُ الفُجاءَة السُّلَميّ، وأني كنت قتلته سريحًا، أو خلّيته نجيحًا. ووددت أني يوم سقيفة بني ساعدة كنتُ قذفت الأمرَ في عنق أحد الرجلين - يريد عمر، وأبا عبيدة - فكان أحدُهما أميرًا؛ وكنت وزيرًا. وأمّا اللاتي تركتهنّ: فوددت أني يوم أتِيتُ بالأشعثِ بن قيس أسيرًا كنت ضربت عنقه، فإنه تخيَّل إليّ أنه لا يرى شرًّا إلّا أعان عليه. ووددت أني حين سيَّرت خالد بن الوليد إلى أهل الرّدّة؛ كنت أقمت بذي القَصّة؛ فإن ظَفِر المسلمون ظفِروا، وإن هُزموا كنت بصدد لقاء، أو مددًا. ووددت أني كنت إذ وجَّهت خالد بن الوليد إلى الشأم كنتُ وجّهت عمر بن الخطاب إلى العراق؛ فكنت قد بسطتُ يديّ كلتيهما في سبيل الله - ومدّ يديه - ووددْت أني كنتُ سألتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -: لمن هذا الأمر؟ فلا ينازَعه أحد؛ ووددت أني كنتُ سألته: هل للأنصار في هذا الأمر نصيب؟ ووددت أني كنتُ سألته عن ميراث ابنة الأخ، والعَمَّة؛ فإنّ في نفسي منهما شيئًا (١). (٣: ٤٢٩/ ٤٣٠/ ٤٣١).


(١) رواية منكرة وفيها من الغمز والطعن في صحابة رسول الله ما فيها، وعلة هذه الرواية من الراوي علوان بن داود (ويسمى كذلك علوان بن صالح) وهو منكر الحديث وكذلك قال أبو سعيد بن يونس، وقال العقيلي: له حديث لا يتابع عليه ولا يعرف إلا به (ميزان الاعتدال ٣/ ١٠٨/ ت ٥٧٦٣) (لسان الميزان ٤/ ت ٥٧٥٢) ولقد ذكر العقيلي هذا الحديث (رواية) في ترجمته لعلوان (الضعفاء الكبير ٣/ ٤١٩ /ت ١٤٦١).
وطعن علوان هذا واضح في هذه الرواية إذ يقول على لسان أبي بكر عن الصحابة: (فكلكم ورم أنفه من ذلك) وحاشا لأبي بكر أن يقول ذلك بل هو تلفيق من علوان وهو منكر الحديث.
وإن كان بعض صحابة رسول الله استفسروا من أبي بكر عن سبب اختياره لعمر فذلك والله أعلم لشدة عمر بن الخطاب الذي لم تأخذه في الله يومًا من الأيام لومة لائم وشدته كانت في الحق.
ولم ينكر سيدنا عمر شدته هذه بل دعا أن يرزقه الله اللين، والذي يتتبع روايات التأريخ وسيرة الخلفاء يرى أن عمرًا كان شديدًا يوم أن كان صحابيًا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليس عليه إلا التنفيذ فكانت قوته ذخرًا بين يدي رسول الله يستخدم هذه القوة بما يراه صوابًا، وكان عمرًا شديدًا كذلك يوم أن كان وزيرًا وردفًا ومستشارًا لأبي بكر الصديق رضي الله عنه فكان منفذًا كذلك لا مقررًا، ولكن هذه الشدة تغيرت تمامًا من أول يوم استلم عمر فيه الخلافة إذ علم أنه أمام الأمر الواقع مقرر ومنفذ فكان يختار أيسر الأمور لرعيته ما لم يكن فيه إثم (كما تعلم من =

<<  <  ج: ص:  >  >>