٢٢٦ - كتب إليّ السريّ عن شعيب، عن سيف، عن محمد وطلحة وزياد، قالوا: لمَّا رجع المثنَّى من بغداد إلى الأنبار سرّح المُضارب العجليّ وزيدًا إلى الكَباث، وعليه فارس العُناب التغلبيّ، ثمّ خرج في آثارهم، فقدم الرّجلان الكَباث، وقد ارفضُّوا وأخلوا الكباث، وكان أهله كلّهم من بني تغلب، فركبوا آثارَهم يتبعونهم، فأدركوا أخرياتهم وفارس العُناب يحميهم، فحماهم ساعة ثم هرب، وقتلوا في أخرياتهم وأكثروا، ورجع المثنَّى إلى عسكره بالأنبار، والخليفة عليهم فُراتْ بن حَيَّان. فلما رجع المثنَّى إلى الأنبار سرّح فُرات بن حيَّان وعُتَيبة بن النَّهاس وأمرهما بالغارة على أحياء من تغلب والنَّمر بصفين، ثم اتَّبعهما وخلَّف على الناس عمرو بن أبي سُلمى الهُجَيميّ؛ فلمَّا دنوا من صفّين، افترق المثنّى وفُرات وعُتيبة، وفرّ أهل صِفِّين وعبروا الفرات إلى الجزيرة، وتحصّنوا، وأرمل المثنّى وأصحابه من الزاد، حتى أقبلوا على رواحلهم إلّا ما لا بدّ منه فأكلوها حتى أخفافها وعظامها وجلودها. ثم أدركوا عيرًا من أهل ديَاف وحَوْران، فقتلوا العلوج وأصابوا ثلاثة نفر من بني تغلب خفراء، وأخذوا العير، وكان ظهرًا فاضلًا، وقال لهم: دلّوني، فقال أحدهم: آمنوني على أهلي ومَالي، وأدلُّكم على حَيّ من تغلب غدوت من عِندهم اليوم: فآمنَه المثنّى وسارَ معه يومه، حتى إذا كان العشيّ هجم على القوم، فإذا النَّعَم صادرة عن الماء، وإذا القوم جُلوس بأفنية البيوت، فبثّ غارته، فقتلوا المقاتلة، وسبوا الذرّية؛ واستاقوا الأموال، وإذا هم بنو ذي الرُوَيْحلة؛ فاشترى من كان بين المسلمين من ربيعة السَّبَايا بنصيبه من الفيء، وأعتقوا سبْيَهم؛ وكانت ربيعة لا تُسْبَى إذ العرب يتسابَوْن في جاهليّتهم.
وأخبر المثنّى أن جمهور مَنْ سلك البلاد قد انتجعوا الشَّطّ؛ شاطئ دِجْلة، فخرج المثنَّى، وعلى مقدَّمته في غزواته هذه بعد البُوَيب كلّها حُذيفة بن محصن الغلفانيّ، وعلى مجنَّبتيه النُّعمان بن عوف بن النعمان بن عوف بن النعمان ومطَر الشيبانيان، فسرّح في أدبارهم حُذيفة واتَّبعه؛ فأدركوهم بتكرِيت دُوينَها من حيث طلبوهم يخوضون الماء، فأصابوا ما شاؤوا من النَّعَم، حتى أصاب الرجل خمسًا