ويجيء نصر الله بإنجاز موعود الله. فنادى عمر: الصلاة جامعة، فاجتمع النَّاس إليه، وأرسل إلى عليّ عليه السلام، وقد استخلفه على المدينة، فأتاه، وإلى طلحة وقد بعثَه على المقدّمة، فرجع إليه، وجعل على المجنَّبتين الزُّبير وعبد الرحمن بن عوف، فقام في الناس فقال: إنَّ الله عزّ وجل قد جمع على الإسلام أهلَه؛ فألَّف بين القلوب، وجعلهم فيه إخوانًا، والمسلمون فيما بينهم كالجسَد لا يخلُو منه شيء من شيء أصاب غيره، وكذلك يَحِقُّ على المسلمين أن يكونوا أمرُهم شورى بينهم وبين ذوي الرّأي منهم؛ فالناس تبَعٌ لمَن قام بهذا الأمر؛ ما اجتمعوا عليه ورضُوا به لزِم النَّاس وكانوا فيه تبعًا لهم، ومن أقام بهذا الأمر تبعٌ لأولي رأيهم ما رأوْا لهم ورضُوا به لهم من مكيدة في حرْب كانوا فيه تَبَعًا لهم. يا أيّها النَّاس! إني إنَّما كنت كرجل منكم حتى صرفني ذوو الرّأي منكم عن الخروج، فقد رأيت أن أقيم وأبعث رجلًا، وقد أحضرتُ هذا الأمر مَنْ قدّمتُ ومَنْ خلّفتُ. وكان عليّ عليه السلام خليفتَه على المدينة، وطلحة على مقدّمته بالأعوص؛ فأحضرهما ذلك (١). (٣: ٤٨٠/ ٤٨١).
٢٣٥ - كتب إليّ السريّ عن شعيب، عن سيف، عن محمد بن إسحاق، عن صالح بن كيسان، عن عمر بن عبد العزيز، قال: لمَّا انتهى قتلُ أبي عُبَيد بن مسعود إلى عمر، واجتماعُ أهلِ فارس على رجل من آل كسرى، نادى في المهاجرين والأنصار، وخرجَ حتى أتى صِرارًا، وقذم طلحةَ بن عُبيد الله حتَّى يأتيَ الأعوَص، وسمَّى لميمنته عبد الرحمن بن عوف، ولميسرته الزّبير بن العوّام، واستخلف عليًّا رضي الله عنه على المدينة، واستشار النَّاس، فكلّهم أشار عليه بالسَّير إلى فارس، ولم يكن استشار في الَّذي كان حتى نزل بصرار ورجع طلحة، فاستشار ذوي الرّأيِ، فكان طلحة ممَّن تابع النَّاس، وكان عبد الرحمن ممَّن نهاه، فقال عبد الرحمن: فما فديتُ أحدًا بأبي وأمي بعد النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قبل يومئذ ولا بعده؛ فقلت: يا بأبي وأمّي اجعل عَجْزها بي وأقِم وابعث جندًا، فقد رأيت قضاء الله لك في جنودك قبلُ وبعدُ، فإنه إن يُهزم جيشُك ليس كهزيمتك، وإنَّك إن تُقتل أو تُهزم في أنف الأمر خشيتُ ألا يكبِّر المسلمون وألّا
(١) إسناده ضعيف، ولم نجد رواية تأريخية مسندة موصولة صحيحة تتحدث عن هذه الشورى التي دعا إليها عمر وحصلت قبل معركة القادسية.