للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يشهدوا أن لا إله إلا الله أبدًا وهو في ارتيادٍ من رجل؛ وأتى كتاب سعْدٍ على حَفَف مَشُورتهم؛ وهو على بعض صدقات نجْد، فقال عمر: فأشيروا عليّ برجل، فقال عبد الرحمن: وجدتُه، قال: مَنْ هو؟ قال: الأسد في براثنه؛ سعد بن مالك؛ ومالأه أولو الرأي (١) (٣: ٤٨١/ ٤٨٢)

٢٣٦ - كتب إليّ السريّ عن شعيب، عن سيف، عن محمَّد وطلحة بإسنادهما، قالا: كان سعد بن أبي وقَّاص على صَدَقات هوازن، فكتب إليه عمر فيمَن كتب إليه بانتخاب ذوي الرَّأي والنَّجدة ممَّن كان له سلاح أو فرس، فجاءه كتاب سعد: إنّي قد انتخبت لك ألف فارس مُؤدٍّ كلّهم له نجدة ورأي، وصاحبُ حيطة يحوط حريم قومه، ويمنع ذمارهم، إليهم انتهت أحسابهم ورأيُهُم، فشأنَك بهم. ووافق كتابُه مشورتهم، فقالوا: قد وجدْتَه، قال: فمن؟ قالوا: الأسد عَاديًا، قال: مَنْ؟ قالوا: سعد، فانتهى إلى قولهم فأرسل إليه، فقدم عليه، فأمَّره على حرب العراق وأوصاه. فقال: يا سعد، سعد بَنِي وُهَيْب! لا يغرّنك من الله أن قيل: خال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصاحب رسولِ الله؛ فإنّ الله عزّ وجلّ لا يمحُو السيّئ بالسيّئ؛ ولكنَّه يمحُو السيّئ بالحسن؛ فإن الله ليس بينه وبين أحد نسب إلّا طاعته؛ فالنَّاس شريفهم ووضيعهم في ذات الله سوادٌ؛ الله ربّهم وهم عباده، يتفاضلون بالعافية، ويدركون ما عنده بالطاعة. فانظر الأمرَ الَّذي رأيتَ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عليه منذ بُعِث إلى أن فارقنَا فالزمْهُ فإنَّه الأمر. هذه عظتي إيَّاك إن تركتها ورغبت عنها حَبِطَ عَمَلُك؛ وكنت من الخاسرين.

ولمَّا أراد أن يسرّحه دعاه، فقال: إني قد ولَّيتُك حرب العراق فاحفظ وصيَّتي فإنّك تقدِم على أمر شديد كريه لا يخلِّص منه إلّا الحقُّ، فعوّد نفسك ومَن معك الخير، واستفتح به. واعلم أنَّ لكل عادة عَتادًا، فعتاد الخير الصبر؛ فالصبرَ على ما أصابك أو نابك؟ يجتمع لك خشية الله. واعلم أنَّ خشية الله تجتمع في أمرين: في طاعته واجتناب معصيته؛ وإنَّما أطاعه من أطاعه ببغض الدنيا وحبّ الآخرة، وعصاه مَن عصاه بحبّ الدنيا وبغض الآخرة؛ وللقلوب حقائق ينشئها الله إنشاءً، منها السرّ، ومنها العلانية؛ فأمَّا العلانية فأنْ يكون حامدُه وذامّه في الحقّ سواءٌ، وأما السرّ فيعرف بظهور الحكمة من قلبه على لسانه، وبمحبَّة النَّاس؛ فلا تزهد


(١) إسناده ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>