ألف، أتعمَد إلى حَلْبة فارس فتصادِمهم بمئة! إن كنت لأراك أعلَم بالحرب ممَّا أرى. فقال: إنَ الأمر لكما قلت؛ وخرج طُلَيحة حتى دخل عسكرهم في ليلة مقمِرة، فتوسّم فيه، فهتك أطناب بيت رجل عليه، واقتاد فرسه، ثم خرج حتى مرَّ بعسكر ذي الحاجب، فهتَك على رَجُلٍ آخر بيتَه، وحلّ فرسه، ثم دخل على الجالنوس عسكرَه فهتك على آخر بيته، وحلّ فرسه، ثم خرج حتى أتى الخرّارة؛ وخرج الَّذي كان بالنَّجف، والذي كان في عسكر ذي الحاجب فاتَّبعه الذي كان في عسكر الجالنوس، فكان أوَّلهم لحاقًا به الجالنوس؛ ثم الحاجبيّ، ثم النَّجَفي؛ فأصاب الأوّلين، وأسَرَ الآخر. وأتى به سعدًا فأخبره، وأسلم؛ فسمَّاه سعد مسلمًا؛ ولزم طُليحة؛ فكان معه في تلك المغازي كلّها (١). (٣: ٥١٠/ ٥١١/ ٥١٢).
٢٦٥ - كتب إليّ السريُّ عن شعيب، عن سيف، عن أبي عمر، وعن أبي عثمان النَّهْديّ، قال: كان عمر قد عهد إلى سعد حين بعثَه إلى فارس؛ ألّا يمرّ بماء من المياه بذي قوّة ونجدة ورياسة إلّا أشخصه؛ فإن أبَى انتخبه، فأمَّره عمر، فقدم القادسيَّة في اثني عشر ألفًا من أهل الأيَّام، وأناس من الحمراء استجابوا للمسلمين، فأعانوهم؛ أسلم بعضهم قبل القتال، وأسلم بعضهم غبَّ القتال، فأشركوا في الغنيمة، وفُرضت لهم فرائض أهل القادسيَّة: ألفين ألفين؛ وسألوا عن أمنع قبائل العرب، فعادُّوا تميمًا؛ فلمَّا دنا رستم، ونزل النَّجَف بعث سعد الطلائع؛ وأمرهم أن يصيبوا رجلًا ليسأله عن أهل فارس؛ فخرجت الطلائع بعد اختلاف؛ فلما أجمع مَلأ الناس أنَّ الطليعةَ من الواحد إلى العشرة سَمَحوا، فأخرج سعد طُلَيحة في خمسة، وعمرو بن مَعْد يكرب في خمسة؛ وذلك صبيحةَ قدّم رستيم الجالنوس، وذا الحاجب؛ ولا يشعرون بفُصولهم من النَّجف؛ فلم يسيروا إلا فرسخًا وبعض آخر؛ حتى رأوا مسالحَهم وسَرْحَهم على الطُّفوف قد ملؤوها، فقال بعضهم: ارجعوا إلى أميركم فإنه سرَّحكم؛ وهو يرى أنَّ القوم بالنَّجف؛ فأخبروه الخبر، وقال بعضهم: ارجعوا لا يَنْذرْ بكم عدوّكم! فقال عمرو لأصحابه: صدقتم، وقال طليحة لأصحابه: كذبتم؛ ما بُعثتم لتُخبروا عن السَّرْح، وما بُعثتم إلا للخُبْر، قالوا: فما تريد؟ قال: أريد أن أخاطر القوم، أو