٢٧٥ - كتب إليَّ السريُّ عن شعيب، عن سَيْف، عن محمد، وطلحة، وعمرو، وزياد بإسنادهِم مثله. قالوا: وأرسل سعد إلى المغيرة بن شُعبة، وبُسْر بن أبي رُهْم، وعَرفجة بن هَرثمة، وحُذيفة بن مِحصَن، ورِبْعيّ بن عامر، وقِرفة بن زاهر التيميّ ثم الواثليّ، ومذعُور بن عَدِيّ العجليّ، والمضارب بن يزيد العجليّ ومَعْبَد بن مُرَّة العِجليّ - وكان من دُهاة العرب - فقال: إني مُرسلُكم إلى هؤلاء القوم؛ فما عندكم؟ قالوا جميعًا: نتّبع ما تأمرنا به، وننتهي إليه؛ فإذا جاء أمر لم يكن منك فيه شيء نظرنا أمثلَ ما ينبغي وأنفَعَه للنَّاس؟ فكلَّمناهم به. فقال سعد: هذا فِعل الحَزَمة، اذهبوا فتهيَّؤوا، فقال رِبعيّ بن عامر: إنّ الأعاجم لهم آراء وآداب، ومتى نأتهم جميعًا يروا أنَّا قد احتفلنا بهم! فلا تَزِدهم على رجل؛ فمالؤوه جميعًا على ذلك، فقال: فسرّحوني، فسرّحه، فخرج ربعيّ ليدخُل على رستم عسكره، فاحتبسه الَّذين على القنطرة، وأرسل إلى رستم لمجيئه، فاستشار عظماءَ أهل فارس، فقال: ما ترون؟ أنباهي أم نتهاوَن؟ ! فأنجمع ملؤُهم على التهاون، فاظهروا الزّبْرِج، وبسطوا البُسُط والنَّمارق، ولم يتركوا شيئًا، ووضع لرستم سرير الذَّهب، وألبس زينته من الأنماط والوسائد المنسوجة بالذهب. وأقبل ربعيّ يسير على فرس له زبّاء قصيرة، معه سيف له مَشُوف، وغمده لفافة ثوب خَلَق، ورمحُه معلوب بقِدّ، معه حَجَفة من جلود البقر؛ على وجهها أديم أحمر مثل الرغيف، ومعه قوسه ونَبْله. فلمَّا غشي الملك، وانتهى إليه، وإلى أدنى البسط، قيل له: انزل، فحملَها على البساط، فلمَّا استوت عليه، نزَل عنها ورَبطها بوسادتين فشقَّهما، ثم أدخل الحبل فيهما، فلم يستطيعوا أن ينهوه؛ وإنما أروه التَّهاون وعرف ما أرادوا، فأراد استحراجَهم، وعليه درع له كأنها أضاة ويَلْمَقُه عباءة بعيره، قد جابها وتدرّعها، وشدّها على وسطه بسَلَب وقد شدّ رأسه بمعجرته؛ وكان أكثر العرب شعرةً، ومعجرته نسعة بعيره؛ ولرأسه أربع ضفائر؛ قد قمن قيامًا كأنهنّ قرون الوعلة. فقالوا: ضَعْ سلاحك، فقال: إنِّي لم آتِكم فأضع سلاحي بأمركم، أنتم دعوتموني، فإن أبيتم أن آتيكم كما أريد؛ رجعت. فأخبروا رستم؛ فقال: ائذنوا له؛ هل هو إلَّا رجل واحد! فأقبل يتوكّأ على رمحه، وزُجّه نصلٌ يقارب الخطو، ويزجّ النَّمارق والبُسط، فَمَا ترك لهم نُمرقة ولا بساطأ إلَّا أفسده وتركه منهتكًا