الضّبيّ، عن رجل من يَربوع شهدَها، قال: وقال: وقد أصابَ أناس كثير منكم من أرضنا ما أرادوا، ثم كان مصيرُهم القتل والهَرب، ومَن سنّ هذا لكم خيرٌ منكم وأقوى؛ وقد رأيتم أنتم كلَّما أصابوا شيئًا أصيب بعضهم ونجا بعضهم؛ وخرج ممَّا كان أصاب، ومن أمثالكم فيما تصنعون مثل جُرْذان ألِفت جرَّة فيها حَبّ، وفي الجرَّة ثَقْب، فدخل الأوَّل فأقام فيها، وجعل الأخَر يَنقُلن منها ويرجعْنَ ويكلّمْنه في الرجوع، فيأبَى، فانتهى سمن الذي في الجرّة، فاشتاق إلى أهله ليُريَهم حُسن حاله، فضاق عليه الجُحر، ولم يُطِق الخروج، فشكا القَلَق إلى أصحابه، وسألهم المخرج، فقلن له: ما أنت بخارج منها حتى تعودَ كما كنت قبل أن تدخل، فكفّ وجوّع نفسه، وبقيَ في الخوف، حتى إذا عاد كما كان قبل أن يدخلَها أتى عليه صاحب الجَرّة فقتله. فاخرُجوا، ولا يكونَنّ هذا لكم مثلًا (١). (٣: ٥٢٦/ ٥٢٧).
٢٨٣ - كتب إليّ السريُّ عن شعيب، عن سيف، عن النَّضْر، عن ابن الرُّفيل، عن أبيه، قال: وقال: لم يخلق الله خلْقًا أولَع من ذُباب ولا أضرّ؛ مما خلاكم يا معشر العرب! تروْن الهلاك ويُدليكم فيه الطّمع؛ وسأضرب لكم مثلكم: إنّ الذّباب إذا رأى العسَلَ طار، وقال: مَن يوصّلني إليه وله درهمان حتى يدخله؟ لا ينهنِهُه أحد إلا عصاه، فإذا دخله غرق ونشِب وقال: مَن يخرجني وله أربعة دراهم؟ وقالى أيضًا: إنما مثلُكم مثل ثعلب دخل جُحرًا وهو مهزول ضعيف إلى كَرْم، فكان فيه يأكل ما شاء الله، فرآه صاحب الكَرْم، ورأى ما به، فرحمه، فلمَّا طال مكثُه في الكَرْم ولسمِن، وصلحَت حالُه، وذهب ما كان به من الهزال أشر، فجعل يعبث بالكَرْم ويُفسد أكثر ممَّا يأكل، فاشتدّ على صاحب الكَرْم، فقال: لا أصبر علَى هذا من أمر هذا، فأخذ له خشبة واستعان عليه غِلمانه، فطلبوه وجعل يراوغهم في الكَرْم، فلمَّا رأى: أنَّهم غيرُ مُقلعين عنه؛ ذهب ليخرج من الجُحر الَّذي دخل منه، فنشب. اتَّسع عليه وهو مهزول، وضاق عليه وهو سمين؛ فجاءه وهو على تلك الحال صاحب الكَرْم، فلم يزل يضربه حتى قتله، وقد جئتم وأنتم مهازيل؛ وقد سِمنتُم شيئًا من سمَن، فانظروا كيف تخرجون! وقال أيضًا: إنَّ رجلًا وضع سَلّا، وجعل طعامه فيه، فأتى