للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أثرهم، فكان أوّل مَن فصَل من الستين أصمُّ التّيْم، والكلَج، وأبو مفزّر، وشُرَحبيل، وجَحْل العجْليّ. ومالك بن كعب الهمْدانيّ، وغلام من بني الحارث بن كعب؛ فلما رآهم الأعاجم وما صنعوا أعدّوا للخيل التي تقدمت سعدًا مثلَها، فاقتحموا عليهم دجلة، فأعاموها إليهم، فلقوا عاصمًا في السَّرَعان، وقد دنا من الفِراض، فقال عاصم: الرّماح الرماحَ! أشرعوها وتوخَّوا العيون؛ فالتقوا فاطّعنوا، وتوخَّى المسلمون عيونهم، فولوا نحو الجُدّ، والمسلمون يشمِّصون بهم خيلَهم، ما يملك رجالها منعَ ذلك منها شيئًا. فلحقوا بهم في الجُدّ، فقتلوا عامّتهم، ونجا مَنْ نجا منهم عُورانًا، وتزلزلت بهم خيولهم، حتى انتقضت عن الفِراض، وتلاحق الستمئة بأوائلهم الستين غيرَ متعتَعِين. ولما رأى سعد عاصمًا على الفِراض قد منعها، أذن للناس في الاقتحام، وقال: قولوا نستعين بالله، ونتوكل عليه، حسبنا الله ونعم الوكيل، لا حول ولا قوّة إلا بالله العلي العظيم! وتلاحق عُظْم الجند، فركبوا اللجّة، وإنّ دجلة لترمي بالزَّبد، وإنها لمُسْوَدّة، وإنّ الناس ليتحدّثون في عومهم وقد اقتربوا ما يكترثون، كما يتحدّثون في مسيرهم على الأرض، ففجؤوا أهلَ فارس بأمر لم يكن في حسابهم، فأجهضوهم وأعجلوهم عن جُمهور أموالهم، ودخلها المسلمون في صفر سنة ستّ عشرة، واستولوْا على ذلك كلّه مما بقي في بيوت كسرى من الثلاثة آلاف ألف ألف، ومما جمع شيري ومن بعده. وفي ذلك يقول أبو بُجَيد نافع بن الأسود:

وأسَلْنا على المدائن خيلًا ... بَحْرها مِثْل بَرِّهِنَّ أريضا

فانتثَلْنا خزائنَ المرءِ كِسْرَى ... يومَ وَلَّوا وحاصَ منَّا جَريضا (١)

(٨: ٣/ ٩/ ١٠).

٤١٥ - كتب إليّ السريّ عن شعيب، عن سيف، عن الوليد بن عبد الله بن أبي طَيْبة، عن أبيه، قال: لما أقام سعد على دِجْلة؛ أتاه علْج، فقال: ما يقيمك! لا يأتي عليك ثالثة حتى يذهب يَزْدَجرد بكل شيء في المدائن؛ فذلك مما هيّجه على القيام بالدّعاء إلى العبور (٢). (٤: ١٠).


(١) إسناده ضعيف.
(٢) إسناده ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>