انزلوا، فنزلوا فاقتتل القوم فقُتِل أهل فارس مقتلة لم يُقتَلوا مثلها قبلها، ثمّ خرجوا يريدون البصرة وقد غرقت سفنهم، ثمّ لم يجدوا إلى الرجوع في البحر سبيلًا. ثم وجدوا شَهْرَك قد أخذ على المسلمين بالطرق؛ فعسكروا، وامتنعوا في نُشُوبهم. ولما بلغ عمر الذي صنع العَلاء من بعثه ذلك الجيش في البحر؛ ألقِيَ في رُوعه نحوٌ من الذي كان. فاشتدّ غضبه على العَلاء، وكتب إليه يعزله وتوعّده، وأمره بأثقل الأشياء عليه، وأبغض الوجوه إليه؛ بتأمير سعد عليه، وقال: الحق بسعد بن أبي وقاص فيمن قِبلَك، فخرج بمَن معه نحو سعد. وكتب عمر إلى عُتبة بن غزوان: إنّ العلاء بن الحضرميّ حمل جندًا من المسلمين، فأقطعهم أهل فارس، وعصاني، وأظنه لم يرد الله بذلك، فخشيت عليهم إلّا يُنصروا أن يغلَبوا وينشَبوا، فاندب إليهم الناس، واضممهم إليك من قبل أن يُجتاحوا. فندب عُتبة الناس، وأخبرهم بكتاب عمر. فانتدب عاصم بن عمرو، وعرفجة بن هَرْثمة، وحذيفة بن محصن، ومجزأة بن ثور، ونهار بن الحارث، والترجمان بن فلان، والحصين بن أبي الحرّ، والأحنف بن قيس، وسعد بن أبي العرْجاء، وعبد الرحمن بن سهل، وصعصعة بن معاوية؛ فخرجوا في اثني عشر ألفًا على البغال يجنبون الخيل، وعليهم أبو سَبْرة بن أبي رُهْم أحد بني مالك بن حِسْل بن عامر بن لؤيّ، والمسالح على حالها بالأهواز والذمّة، وهم رِدْء للغازي والمقيم. فسار أبو سَبْرة بالناس، وساحَلَ لا يلقاه أحد، ولا يعرض له؛ حتى التقى أبو سَبْرة وخُلَيد بحيث أخِذ عليهم بالطرق غبّ وقعة القوم بطاووس، وإنما كان وليَ قتالهم أهلُ إصطَخر وحدهم، والشذّاذ من غيرهم؛ وقد كان أهل إصطخر حيث أخذوا على المسلمين بالطرق، وأنشَبوهم؛ استصرخوا عليهم أهلَ فارس كلّهم؛ فضربوا إليهم من كلّ وجه وكورة، فالتقوْا هم وأبو سَبْرة بعد طاووس، وقد توافتْ إلى المسلمين أمدادهم، وإلى المشركين أمدادهم، وعلى المشركين شَهْرك؛ فاقتتلوا، ففتح الله على المسلمين، وقَتَل المشركين، وأصاب المسلمون منهم ما شاؤوا -وهي الغزاة التي شرفت فيها نابتة البصرة؛