الأمصار؛ حتى أقبل بلال بن الحارث المزنيّ، فاستأذن عليه، فقال: أنا رسولُ رسولِ الله إليك؛ يقول لك رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: لقد عهدتُك كيّسًا، وما زلت على رِجْل؛ فما شأنك؟ ! فقال: متى رأيتَ هذا؟ قال: البارحة، فخرج فنادى في الناس: الصلاة جامعة! فصلّى بهم ركعتين؛ ثم قام فقال: أيُّها الناس، أنشدُكم الله، هل تعلمون منّي أمرًا غيره خيرٌ منه؟ قالوا: اللهم لا، قال: فإنّ بلال بن الحارث يزعم ذَيّة وذَيّة؛ فقالوا: صدق بلال، فاستغث بالله وبالمسلمين، فبعث إليهم -وكان عمر عن ذلك محصورًا- فقال عمر: الله أكبر! بلغ البلاءُ مدَّته فانكشف؛ ما أذِن لقوم في الطلب إلّا وقد رُفِع عنهم البلاء؛ فكتب إلى أمراء الأمصار: أغيثوا أهلَ المدينة ومن حولها، فإنه قد بلغ جَهْدهم؛ وأخرج الناس إلى الاستسقاء، فخرج وخرج معه بالعباس ماشيًا، فخطب فأوجز؛ ثم صلى، ثم جثا لركبتيه، وقال: اللهمّ إيّاك نعبد وإياك نستعين؛ اللهمّ اغفرْ لنا وارحمْنا وارضَ عنّا. ثم انصرف، فما بلغوا المنزل راجعين؛ حتى خاضُوا الغُدْران (١). (٤: ٩٨/ ٩٩).
٥٣١ - كتب إليّ السريّ عن شعيب، عن سيف، عن مبشّر بن الفضيلِ، عن جُبير بن صخر، عن عاصم بن عمر بن الخطاب، قال: قحط الناس زمان عمر عامًا، فهُزِل المال، فقال أهلُ بيت من مُزينة من أهل البادية لصاحبهم: قد بلغنا، فاذبح لنا شاة، قال: ليس فيهنّ شيء، فلم يزالوا به حتى ذبح لهم شاة، فسلخ عن عظم أحمر، فنادى: يا محمّداه! فأريَ فيما يرى النائم: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتاه، فقال: أبشِرْ بالحيا! ائت عمرَ فأقرئه منّي السلام، وقل له: إنّ عهدي بك وأنت وفيّ العهد، شديد العقد، فالكَيْس الكَيْس يا عمر! فجاء حتى أتى باب عمر؛ فقال لغلامه: استأذِنْ لرسول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأتى عمر فأخبره، ففزع وقال: رأيتَ به مسًّا! قال: لا، قال: فأدخله، فدخل فأخبره الخبر، فخرج فنادى في الناس، وصعد المنبر، وقال: أنشدكم بالذي هداكم للإسلام؛ هل رأيتم مني شيئًا تكرهونه! قالوا: اللهمّ لا! قالوا: ولم ذاك؟ فأخبرهم، ففطِنوا ولم يفْطَن؛ فقالوا: إنما استبطأك في الاستسقاء، فاستسقِ بنا، فنادى في الناس، فقام فخطب فأوجز، ثم صلى ركعتيْن فأوجز، ثم قال: اللهمّ عجزتْ