بالسلاسل لئلا يفرُّوا، وحمل عليهم المسلمون فقاتلوهم، فَرُمِيَ النعمان بنشّابة فقتِل رحمه الله، فلفّه أخوه سُوَيد بن مقرّن في ثوبه، وكتم قتلَه حتى فتح الله عليهم، ثم دفع الرّاية إلى حُذيفة بن اليمان، وقتل الله ذا الحاجب، وافتُتِحت نهاوند، فلم يكن للأعاجم بعد ذلك جماعة (١). (٤: ١١٤/ ١١٥/ ١١٦).
٥٥٣ - عن حمزة بن المغيرة بن شعبة، عن أبي طعمة الثقفيّ -وكان قد أدرك ذلك- قال: ثم إنهم قالوا: إنّ محمّدًا لذي جاء العربَ بالدين لم يغرَضْ غَرَضنا، ثم ملكهم أبو بَكْر من بعده فلم يغرَض غَرَض فارس؛ إلّا في غارة تعرّض لهم فيها، وإلّا فيما يلي بلادهم من السواد. ثم ملك عمر من بعده، فطال ملكه وعَرُض؛ حتى تناولكم وانتقصكم السواد والأهواز، وأوطأها، ثم لم يرضَ حتى أتى أهلَ فارس والمملكة في عُقْرِ دارهم، وهو آتيكم إن لم تأتوه؛ فقد أخرب بيت مملكتكم، واقتحم بلاد ملككم، وليس بمنته؛ حتى تخرجوا من في بلادكم من جنوده، وتقلعوا هذين المصْرين، ثم تشغلوه في بلاده وقراره. وتعاهدوا، وتعاقدوا، وكتبوا بينهم على ذلك كتابًا، وتمالؤوا عليه.
وبلغ الخبرُ سعدًا، وقد استخلف عبدَ الله بن عبد الله بن عِتْبان. ولمّا شَخَص لقي عمرَ بالخبر مشافهة، وقد كان كتب إلى عمر بذلك، وقال: إنّ أهل الكوفة يستأذنونك في الانسياح قبل أن يبادروهم الشدَّة- وقد كان عمر منعَهم من الانسياح في الجبل.
وكتب إليه أيضًا عبدُ الله وغيره بأنه قد تجمّع منهم خمسون ومئة ألف مقاتل؛ فإن جاؤونا قبل أن نبادرهم الشَّدّة؛ ازدادوا جرأة وقوّة، وإن نحن عاجلناهم؛ كان لنا ذلكم، وكان الرسول بذلك قَريب بن ظَفَر العبديّ.
ثم خرج سعد بعدَه فوافَى مشورة عُمر؛ فلما قدم الرسول بالكتاب إلى عمر بالخبر فرآه قال: ما اسمك؟ قال: قَريب، قال: ابن مَن؟ قال: ابن ظَفَر؛ فتفاءل إلى ذلك، وقال: ظَفَر قريب إن شاء الله، ولا قوّة إلّا بالله! ونودي في الناس: الصلاة جامعة! فاجتمع الناس، ووافاه سعد، فتفاءل إلى سعد بن مالك، وقام على المنبر خطيبًا، فأخبر الناس الخبر، واستشارهم، وقال: هذا يوم له