للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما بعده من الأيام؛ ألا وإني قد هممتُ بأمر وإني عارضه عليكم فاسمعوه، ثم أخبروني وأوجزوا، ولا تَنَازعوا فتفشلوا وتذهب ريحُكم، ولا تكثروا ولا تطيلوا، فتُفْشغ بكم الأمور، ويلتوي عليكم الرأي، أفمن الرّأي أن أسيرَ فيمن قبَلي ومَنِ قدرتُ عليه، حتى أنزل منزلًا واسطًا بين هذين المصرين، فأستنفرَهم ثم أكون لهم رِدْءًا حتى يفتح الله عليهم، ويقضي ما أحبّ؛ فإنّ فَتْحَ الله عليهم أن أضرّبهم عليهم في بلادهم؛ وليتنازعوا ملكَهم. فقام عثمان بن عفّان، وطلحة بن عبيد الله، والزّبير بن العوّام، وعبد الرحمن بن عَوْف في رجال من أهل الرّأي من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فتكلموا كلامًا، فقالوا: لا نرى ذلك، ولكن لا يغيبَنّ عنهم رأيُك وأثرك، وقالوا: بإزائهم وجوه العرب وفرسانهم وأعلامهم، ومَن قد فضّ جموعهم، وقتل ملوكهم، وباشر من حروبهم ما هو أعظمُ من هذه، وإنما استأذنوك ولم يستصرخوك، فائْذَنْ لهم، واندُب إليهم، وادعُ لهم. وكان الذي ينتقد له الرأيَ إذا عُرِض عليه العباس رضي الله عنه (١). (٤: ١٢٢/ ١٢٣).

٥٥٤ - كتب إليّ السريّ عن شعيب، عن سيف، عن حمزة، عن أبي طُعْمة، قال: فقام عليّ بن أبي طالب عليه السلام، فقال: أصاب القوم يا أميرَ المؤمنين الرّأيَ، وفهموا ما كُتب به إليك، وإنّ هذا الأمر لم يكن نصره ولا خذلانه لكثرة ولا قلّة، هو دينه الذي أظهر، وجنده الذي أعزّ، وأيّده بالملائكة؛ حتى بلغ ما بلغ؛ فنحن على موعد من الله، والله منجزٌ وعْده، وناصر جنده؛ ومكانك منهم مكان النظام من الخَرز، يجمعه ويمسكه؛ فإن انحلّ تفرّق ما فيه وذهب، ثم لم يجتمع بحذافيره أبدًا. والعرب اليوم وإن كانوا قليلًا فهي كثير عزيز بالإسلام؛ فأقم واكتب إلى أهل الكوفة فهم أعلام العرب ورؤساؤهم؛ ومَن لم يحفل بمن هو أجمع وأحدُّ وأجدُّ من هؤلاء فليأتهم الثلثان وليُقم الثلث؛ واكتب إلى أهل البصرة أن يمدُّوهم ببعض مَن عندهم.

فسرّ عمر بحسن رأيهم، وأعجبه ذلك منهم. وقام سعد فقال: يا أميرَ المؤمنين! خفِّضْ عليك، فإنهم إنما جمِعوا لنِقْمة (٢). (٤: ١٢٣/ ١٢٤).


(١) إسناده ضعيف.
(٢) إسناده ضعيف وفي متنه نكارة.

<<  <  ج: ص:  >  >>