للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بثوب، وأتى حذيفة بالرّاية فدفعها إليه، وكان اللواء مع حُذيفة، فجعل حُذيفة نُعيمَ بن مقرّن مكانه، وأتى المكان الذي كان فيه النعمان فأقام اللواء، وقال له المغيرة: اكتمُوا مصابَ أميركم حتى ننظر ما يصنع الله فينا وفيهم؛ لكيلَا يهِنَ الناس؛ واقتتلوا حتى إذا أظلَّهم الليل انكشف المشركون وذهبوا، والمسلمون ملظُّون بهم متلبّسون، فعُمِّيَ عليهم قصدُهم، فتركوه وأخذوا نحو اللِّهْب الذي كانوا نزلوا دونه بإسبيذهان، فوقعوا فيه، وجعلوا لا يهوِي منهم أحدٌ إلا قال: "وايه خُرد" فسمّي بذلك "واية خُرد" إلى اليوم، فمات فيه منهم مئة ألف أو يزيدون، سوى مَن قتل في المعركة منهم أعدادهم، لم يفلت إلّا الشَّريد، ونجا الفيرُزان بين الصّرعى في المعركة، فهرب نحو هَمَذان في ذلك الشَّريد، فأتبعه نُعيم بن مقرّن، وقدّم القعقاعِ قدامه فأدركه حين انتهى إلى ثَنيّة هَمَذان، والثنيّة مشحونة من بغال وحمير موقرة عسلًا، فحبسه الدوابّ على أجَلِه، فقتله على الثَّنيَة بعد ما امتنع، وقال المسلمون: إنّ لله جنودًا من عسل، واستاقوا العسل وما خالطه من سائر الأحمال، فأقبل بها، وسمِّيت الثنيّة بذلك ثَنيّة العسل؛ وإنّ الفيرُزان لمّا غشيه القعقاع نزل فتوقّل في الجبل إذ لم يجد مساغًا، وتوقّل القعقاع في أثره حتى أخذه، ومضى الفُلّال حتى انتهوْا إلى مدينة هَمَذان والخيل في آثارهم، فدخلوها، فنزل المسلمون عليهم، وحوَوْا ما حولها، فلما رأى ذلك خُسْرَوْشنُوم استأمنهم، وقبل منهم على أن يضمن لهم هَمَذان ودَسْتبى، وألّا يؤتى المسلمون منهم؛ فأجابوهم إلى ذلك وآمنوهم؛ وأمن الناس، وأقبل كلّ مَن كان هرب، ودخل المسلمون بعد هزيمة المشركين يوم نهاوند مدينة نهاوند واحتووا ما فيها وما حولها، وجمعوا الأسلاب والرِّثاث إلى صاحب الأقباض السائب بن الأقرع.

فبينا هم كذلك على حالهم وفي عسكرهم يتوقّعون ما يأتيهم من إخوانهم بهَمذان، أقبل الهِربذ صاحب بيت النار على أمان؛ فأبْلغ حذيفة، فقال: أتؤمنني على أن أخبرك بما أعلم؟ قال: نعم، قال: إنّ النخَيْرَجان وضع عندي ذخيرة لكسرى، فأنا أخرجها لك على أمانِي وأمان من شئت، فأعطاه ذلك، فأخرج له ذخيرة كسرى؛ جوهرًا كان أعدّه لنوائب الزّمان، فنظروا في ذلك، فأجمع رأي المسلمين على رفعه إلى عمر، فجعلوه له؛ فأخَّرُوه حتى فرغوا فبعثوا به مع ما يرفع من الأخماس، وقسم حذيفة بن اليمان بين الناس غنائمهم، فكان سهم

<<  <  ج: ص:  >  >>