سنة، فقال: زدْني، فقال: عشرًا ومئة سنة، فقال: زدني، فقال: عشرين ومئة سنة، فقال: زدني، فقال: لك. وأنبهتموني، فلو تركتموني لعلمت ما مدّة هذه الأمة.
فلما انتهى إلى الرّيّ، وعليها آبان جاذويْه؛ وثب عليه فأخذه، فقال: يا آبان جاذويه! تغدِر بي؟ ! قال: لا، ولكن قد تركتَ مُلْكك، وصار في يد غيرك، فأحببت أن أكتتب على ما كان لي من شيء، وما أردتُ غير ذلك. وأخذ خاتم يَزْدَجِرد ووصل الأدُم؛ واكتتب الصّكاك وسجّل السجلات بكلّ ما أعجبه، ثم ختم عليها وردّ الخاتم. ثم أتى بعدُ سعدًا فردّ عليه كلّ شيء في كتابه. ولما صنع آبان جاذويه بيزدَجِرْد ما صنع خرج يَزْدَجِرد من الرّيّ إلى أصبهان، وكره آبانَ جاذويه، فارًّا منه، ولم يأمنه. ثم عزم على كَرْمان، فأتاها والنار معه، فأراد أنْ يضعها في كَرْمان، ثمّ عزم على خراسان، فأتى مَرْوَ، فنزلها وقد نقل النار، فبنى لها بيتًا واتّخذ بستانًا، وبنى أزَجًا فرسخين من مَرْو إلى البستان؛ فكان على رأس فرسخين من مَرْو، واطمأنّ في نفسه، وأمِن أن يُؤتَى؛ وكاتب من مَرْوَ مَن بقيَ من الأعاجم فيما لم يفتتحه المسلمون، فدانُوا له، حتى أثار أهلَ فارس والهُرْمِزان فنكثوا، وثار أهل الجبال والفيرُزان فنكثوا، وصار ذلك داعية إلى إذن عمر للمسلمين في الانسياح، فانساح أهلُ البصرة وأهل الكوفة حتى أثخنوا في الأرض؛ فخرج الأحنف إلى خُراسان، فأخذ على مِهْرَجان قَذَق، ثم خرج إلى أصبهان - وأهل الكوفة محاصرو جَيّ - فدخل خراسان من الطّبَسيْن، فافتتح هَراةَ عَنْوةً، واستخلف عليها صُحار بن فلان العبديّ. ثم سار نحو مَرْو الشاهجان، وأرسل إلى نيسابور - وليس دونها قتال - مطرّفَ بن عبد الله بن الشخِّير والحارثَ بن حسان إلى سَرْخس؛ فلما دنا الأحنف من مَرْو الشَّاهجان خرج منها يَزْدَجِرد نحو مَرْو الرّوذ حتى نزلها، ونزل الأحنف مَرْو الشاهجان؛ وكتب يَزْدَجِرد وهو بمرْو الرّوذ إلى خاقان يستمدّه؛ وكتب إلى ملك الصُّغْد يستمدّه؛ فخرج رسولاه نحو خاقان وملك الصُّغْد، وكتب إلى ملك الصين يستعينه، وخرج الأحنف من مَرْو الشاهجان؛ واستخلف عليها حاتم بن النعمان الباهليّ بعد ما لحقت به أمداد أهل الكوفة، على أربعة أمراء: علقمة بن النَّضْر النضْرِّي، وربعيّ بن عامر التميميّ، وعبد الله بن أبي عَقِيل الثقفيّ، وابن أمّ غزال الهمْدانيّ؛ وخرج سائرًا نحو مَرْو