لنفسه. فقال أبو موسى: دُلِلتُ عليهم وكان لهم فداء ففديتُهم، فأخذته فقسمته بين المسلمين؛ فقال ضبّة: والله ما كذب ولا كذبتُ! وقال: له قفيزان؛ فقال أبو موسى: قفيز لأهلي أقوتُهم، وقفيز للمسلمين في أيديهم؛ يأخذون به أرزاقهم؛ فقال ضَبّة: والله ما كذب، ولا كذبتُ! فلما ذكر عَقِيلة سكت أبو موسى، ولم يعتذر؛ وعلم: أنّ ضبّة قد صدقه. قال: وزياد يلي أمور الناس، ولا يعرف هذا ما يلي؛ قال: وجدت له نُبْلًا ورأيًا، فأسندت إليه عملي. قال: وأجاز الحطيئة بألف، قال: سددتُ فَمَه بمالي أن يشتمني، فقال: قد فعلت ما فعلتَ. فردّه عمر، وقال: إذا قدمتَ فأرسل إليّ زيادًا وعقِيلة، ففعل، فقدمت عقيلة قبل زياد؛ وقدم زياد فقام بالباب، فخرج عمر؛ وزياد بالباب قائم، وعليه ثياب بياض كتّان، فقال له: ما هذه الثياب؟ فأخبره، فقال: كم أثمانُها؟ فأخبره بشيء يسير، وصدّقه، فقال له: كم عطاؤك؟ قال: ألفان، قال: ما صنعت في أوّل عطاء خرج لك؟ قال: اشتريت والدتي فأعتقتها، واشتريت في الثاني ربيبي عُبَيْدًا فأعتقتُه، فقال: وفِّقْت، وسأله عن الفرائض والسنن والقرآن، فوجده فقيهًا. فردّه، وأمر أمراء البصرة أن يشربوا برأيه، وحبس عَقِيلة بالمدينة. وقال عمر: ألا إنّ ضبّة العَنَزِيّ غضب على أبي موسى في الحق أن أصابه، وفارقه مراغِمًا أن فاته أمر من أمور الدنيا، فصدق عليه وكذب، فأفسد كذبُه صدقَه؛ فإيّاكم والكذبَ؛ فإن الكذب يهدي إلى النار. وكان الحطيئة قد لقيَه فأجازه في غَزاة بيروذ، وكان أبو موسى قد ابتدأ حصارهم وغزاتهم حتى فلّهم، ثم جازهم ووكّل بهم الربيع؛ ثم رجع إليهم بعد الفتح فولِيَ القسم (١). (٤: ١٨٤/ ١٨٥/ ١٨٦).
٥٨٦ - كتب إليّ السريّ عن شعيب، عن سيف، عن أبي عمرو، عن الحسن، عن أسيد بن المتشمّس بن أخي الأحنف بن قيس، قال: شهدتُ مع أبي موسى يوم أصبَهان فتح القُرَى، وعليها عبد الله بن وَرْقاء الرّياحيّ،
(١) إسناده ضعيف جدًّا، وكذلك رواه عمر بن شبة في تأريخ المدينة مطولًا، وقال الشيخ الدويش في الحاشية معقبًا على إسناد ابن شبة: رجاله رجال الصحيح إلّا يزيد بن عبد الله الباهلي وقد سكت عنه البخاري وابن أبي حاتم وذكر أنه روى عنه حميد بن هلال ومغيرة بن النعمان (تأريخ المدينة المنورة ٦/ ٣/ ٢٨).