وأبي بكر، يا عبدَ الله بن عمر، إن اختلف القوم فكن مع الأكثر؛ وإن كانوا ثلاثة وثلاثة فاتّبع الحزب الذي فيه عبد الرحمن. يا عبد الله! ائذن للناس، قال: فجعل يدخل عليه المهاجرون والأنصار فيسلمون عليه، ويقول لهم: أعن ملأ منكم كان هذا؟ فيقولون: معاذ الله! قال: ودخل في الناس كعب، فلما نظر إليه عمر أنشأ يقول:
فأَوعَدَني كعبٌ ثلاثًا أُعدُّها ... ولا شكَّ أن القولَ ما قال لي كعبُ
وما بي حِذارُ الموتِ إنّي لمَيِّتٌ ... ولكنْ حِذارُ الذَّنبِ يَتْبَعُهُ الذَّنْبُ
قال: فقيل له: يا أميرَ المؤمنين! لو دعوتَ الطبيب! قال: فدعي طبيب من بني الحارث بن كعب، فسقاه نبيذًا فخرج النبيذ مشكّلًا، قال: فاسقوه لبنًا، قال: فخرج اللبن محضًا، فقيل له: يا أمير المؤمنين! اعهد، قال: قد فرغت.
قال: ثم توفي ليلة الأربعاء لثلاث ليال بقين من ذي الحجّة سنة ثلاثٍ وعشرين. قال: فخرجوا به بكْرة يوم الأربعاء، فدفن في بيت عائشة مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر. قال: وتقدّم صُهيب فصلّى عليه، وتقدّم قبل ذلك رجُلان من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: عليّ، وعثمان، قال: فتقدّم واحد من عند رأسه، والآخر من عند رجليه؛ فقال عبد الرحمن: لا إله إلا الله؛ ما أحرصكما على الإمرة! أما علمتما أنّ أمير المؤمنين قال: ليُصَلّ بالناس صهيب! فتقدّم صهيب فصلّى عليه. قال: ونزل في قبره الخمسة (١). (٤: ١٩٠/ ١٩١/ ١٩٢/ ١٩٣).
قال أبو جعفر: وقد قيل: إن وفاته كانت في غرّة المحرّم سنة أربع وعشرين. (٤: ١٩٣).
ذكر من قال ذلك:
٥٨٨ - حدّثني الحارث، قال: حدثنا محمد بن سعد، قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدّثني أبو بكر بن إسماعيل بن محمد بن سعد عن أبيه قال:
(١) في إسناده عبد العزيز وهو متروك، وفي متنه نكارة شديدة، والروايات الصحيحة (كما في قسم الصحيح) لم تذكر بأي شكل من الأشكال ما في متن هذه الرواية من النكارة والتهجم على صحابة رسول الله واتهامهم بالحرص على الإمارة. وسنتحدث عن قصة وفاة عمر الذي أوصى به في قسم الصحيح عند الحديث عن الشورى في نهاية سيرة سيدنا عمر (٤/ ٢٢٧).