فأنشدته، وطلع الفجر، فقال: اقرأ "الواقعة" فقرأتها، ثم نزل فصلى، وقرأ بالواقعة (١). (٤: ٢٢٢).
٦٥٠ - حدّثني ابنُ حميد، قال: حدّثنا سلمة عن محمد بن إسحاق. عن رجل، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: بينما عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وبعض أصحابه يتذاكرون الشعر، فقال بعضهم: فلان أشعر. وقال بعضهم: بل فلان أشعر. قال: فأقبلت، فقال عمر: قد جاءكم أعلم الناس بها، فقال عمر: مَنْ شاعر الشعراء يا بن عباس؟ ! قال: فقلت: زهير بن أبي سُلمى، فقال عمر: هلمّ مِنْ شعره ما نستدلّ به على ما ذكرت؛ فقلت: امتدح قومًا من بني عبد الله بن غَطفان، فقال:
لو كان يَقْعُدُ فَوْق الشَّمْسِ مِنْ كَرم ... قوْمٌ بِأَوَّلِهِمْ أو مَجْدِهِمْ قَعَدُوا
قَوْمٌ أبوهُمْ سِنانٌ حين تَنْسُبُهُمْ ... طابوا وطابَ مِنَ الأوْلادِ ما وَلَدُوا
إنْسٌ إذا أمِنوا، جِنٌّ إِذا فزعوا ... مرَزَّؤونَ بها ليلٌ إذا حشدُوا
محَسَّدون على ما كان من نِعَمٍ ... لا يَنْرعُ اللهُ مِنْهُمْ مالَه حُسِدوا
فقال عمر: أحسن! وما أعلم أحدًا أولَى بهذا الشعر من هذا الحيّ من بني هاشم لفضل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقرابتهم منه! فقلت: وفِّقت يا أميرَ المؤمنين! ولم تزل موفّقًا، فقال: يا بن عباس! أتدري ما منع قومكم منهم بعد محمد؟ فكرهتُ أن أجيبه، فقلت: إن لم أكن أدري فأمير المؤمنين يُدريني، فقال عمر: كرهوا أن يجمعوا لكم النبوّة والخلافة، فتبجحوا على قومكم بَجَحًا بجَحًا، فاختارت قريش لأنفسها، فأصابت ووُفِّقتْ. فقلت: يا أميرَ المؤمنين! إن تأذن لي في الكلام، وتُمِطْ عني الغضب؛ تكلمتُ. فقال: تكلم يا بن عباس! فقلت: أمّا قولك يا أميرَ المؤمنين: اختارت قريش لأنفسها فأصابت ووفّقت، فلو أنّ قريشًا اختارت لأنفسها حيث اختار الله عزّ وجلّ لها لكان الصواب بيدها غير مردود ولا محسود. وأما قولك: إنهم كرهوا أن تكون لنا النبوّة والخلافة، فإنّ الله عزّ وجلّ وصف قومًا بالكراهية فقال:{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} فقال عمر: هيهات والله يا بن عباس! قد كانت تبلغني عنك أشياء كنت أكره أن