لا تدخل معهم، قال: أكره الخلاف، قال: إذًا ترى ما تكره! فلما أصبح عمر دعا عليًّا، وعثمان، وسعدًا، وعبد الرحمن بن عوف، والزبير بن العوّام، فقال: إنّي نظرت فوجدتكم رؤساء الناس وقادتهم؛ ولا يكون هذا الأمر إلّا فيكم؛ وقد قبِض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو عنكم راضٍ؛ إنّي لا أخاف الناس عليكم إن استقمتم؛ ولكنّي أخافُ عليكم اختلافَكم فيما بينكم، فيختلف الناس، فانهضوا إلى حُجْرة عائشة بإذنٍ منها، فتشاوروا، واختاروا رجلًا منكم. ثم قال: لا تدخلوا حجرة عائشة؛ ولكن كونوا قريبًا، ووضع رأسه؛ وقد نزَفه الدم.
فدخلوا فتناجوْا، ثم ارتفعت أصواتهم، فقال عبد الله بن عمر: سبحان الله! إنّ أمير المؤمنين لم يمُتْ بعد؛ فأسمعَه فانتبه، فقال: ألا أعرضوا عن هذا أجمعون، فإذا متُّ فتشاوروا ثلاثة أيام، وليصلّ بالناس صهيب، ولا يأتينّ اليوم الرابع إلّا وعليكم أمير منكم؛ ويحضر عبدُ الله بن عمر مشيرًا، ولا شيءَ له من الأمر، وطلحة شريككم في الأمر؛ فإن قدم في الأيام الثلاثة؛ فأحضروه أمركم، وإن مَضت الأيَّام الثلاثة قبل قدومه فاقضوا أمركم، ومَنْ لي بطلحة؟ فقال سعد بن أبي وقاص: أنا لك به؛ ولا يخالف إن شاء الله. فقال عمر: أرجو ألّا يخالف إن شاء الله؛ وما أظنّ أن يليَ إلّا أحدُ هذين الرجلين: عليّ أو عثمان؛ فإن وليَ عثمان فرجل فيه لين، وإن ولي عليّ ففيه دُعابة، وأحْرِ به أن يحملَهم على طريق الحقّ؛ وإن تولوا سعدًا فأهلها هو؛ وإلّا فليستعن به الوالي، فإني لم أعزله عن خيانة ولا ضعف؛ ونِعْم ذو الرأي عبد الرحمن بن عوف! مسدّد رشيد، له من الله حافظ، فاسمعوا منه.
وقال لأبي طلحة الأنصاريّ: يا أبا طلحة، إنّ الله عزّ وجلّ طالما أعزّ الإسلام بكم، فاختر خمسين رجلًا من الأنصار؛ فاستحِثّ هؤلاء الرّهط حتى يختاروا رجلًا منهم. وقال للمقداد بن الأسود: إذا وضعتموني في حُفْرتي فأجمع هؤلاء الرّهط في بيت حتى يختاروا رجلًا منهم، وقال لصُهيب: صلّ بالناس ثلاثة أيام، وأدخل عليًّا وعثمان والزبير وسعدًا وعبد الرحمن بن عوف وطلحة إن قدم؛ وأحضِر عبد الله بن عمر ولا شيء له من الأمر؛ وقم على رؤوسهم، فإن اجتمع خمسة ورضُوا رجلًا وأبى واحد فاشدَخْ رأسه - أو اضرب رأسه بالسيف - وإن اتّفق